مات الفنان حسن يوسف، ولا عجبَ في ذلك، فكلنا سنموت، وما هو إلا بشرٌ تُجرىٰ عليه سننُ الله في الخلق من ظهور ونماء وفناء.
لكنَّ العَجَب كُلَّ العَجَب في أولئك الأملاك الطاهرين ربانيين الفيس بوك، الذين يترصدون لموت أي لاعب أو ممثل أو سياسي أو عالم مخالف لرأيهم؛ ليعلنوا للناس كُلَّ عيوبه ومفاسده وزلاته وسيئاته، وكأنهم وكلاء الله في حساب الخَلق وجَلد المذنبين.!
هذا ما نراهُ في كل وقت على تلك المواقع الفاسدة والمنصات التافهة، التي ما عهدناها قط أن حلَّت مشكلة أو عالجت قضية، وإنما وظيفتها الصراخ والنواح، كالمرأة التي لا تعرف غير الردح والعويل، ويا بئس تلك الصنف.!!
واليوم ومنذ أن أُعلنَ وفاة الفنان حسن يوسف، إلا ورأينا تلك الفئة التافهة الحقيرة تملئ المنصات بمقاطع قديمة للراحل بين مشهدٍ ساخن وقُبلات حارة وعُريٍّ فاضح .....
ولا أدري هل الموقف مناسب لذلك؟ وما الهدف من تلك الصنيع؟
كتب بعضهم فقال: نحذر الناس منه!!
وأين كنت من هذا التحذير زهاء السنوات والعقود الماضية؟!
وقال آخر: حتى لا تترحم عليه ذوي العواطف والشجون!
سبحان الله! وما الذي يمنع من الترحم على إنسان يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله!!
والحق أنَّ هذه الفئة تتخبط في دياجير الظلام والضلال، وذلك لعدة أسباب:
أولًا: أنَّ الرجل اعتزل تلك الأعمال الهابطة منذ ثلاثين سنة، وأعرب عن أسفه وندمه على ما قدمه في فترة شبابه، والندم في دين الله توبه، والتوبة تمحو ما قبلها، والله يتوب على مَنْ تاب.
ثانيًا: ترجم الرجل توبته إلى واقع مفيد، فقدَّم على مدار عشرين عاما أعمالًا تاريخية ودينية، كانت إحياءً للتاريخ الإسلامي في ظل الهيمنة الإعلامية على عقول الناس بما يبثوه من أعمال مأجورة فيها التشكيك في الثوابت والاستهزاء من الرموز وطمس قيم الإسلام.
فراحَ يقتحم تلك الميادين الإعلامية المشبوهة بمسلسلات قيمة تخدم النزعة العربية والدينية بامتياز، فقدَّم للشاشة:
قضاة عظماء - الإمام النسائي - الإمام ابن ماجة - الشيخ الشعراوي «إمام الدعاة» - الإمام عبد الحليم محمود «العارف بالله» - الإمام المراغي - أنوار الحكمة - الإسلام حضارة - دنيا جديد «دور باحث إسلامي».
فلماذا نسيتم كل هذا؟
وإن كان لا بد من نشر أعمالٍ له يوم وفاته فالأولى لنشر حسناته وما قدمه من خير، ولكن يبدو أن النوايا الخبيثة لا تبحث إلا عن الخبيث ؟!
إننا في حاجة ضرورية إلى إعادة نظر لمعايير حكمنا على الأشخاص، لأنَّ ما نفعله - من مثل هذه الأمور - لا يُعمِّرُ دنيا ولا يخدمُ دين، بل يُخرِّبُ الدنيا ويُشوِّه الدين.!
رحمَ اللهُ الفنان الكبير الأستاذ حسن يوسف ونسأل الله الرحمن الرحيم في عليائه أن يتجاوز عن سيئاته وأن يجعل ما قدَّمه من خير في ميزان حسناته فهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.