التعصب
ليس أضر على الإنسان والعقل البشري من التعصب, الذي يحمل في طياته كل حقد وكراهية وتزمت ورجعية, فهؤلاء الذين يتعصبون هم أقل الناس معرفة بالإنسان وطبيعة الإنسان, التي خلقه الله عليها, وطبيعة الحياة التي تأبي أن يكون الناس آلات وأصنام, ولا تفرز إلا عقول متشابهة, الواحد فيهم, يغني عن ألآف, سكون دائم أشبه بالموت, لا جديد تحت طائلة الشمس, التي تأتي وتغيب على الأرض, وهي لا تتغير ولا تتبدل, وإنما هو يوم يتكرر, ولا نهاية غير, اصطمبة واحدة, ورتم واحد, فالذين يتعصبون هؤلاء الغارقون في السكون والعادة, لا يحملون فكرا خصبا, ولا يعرفون معنى الحياة, ما يجب, وما يكون, ومسيرتها تربوا على لون باهت من الحياة, كسالى لا دراية لهم, يتقوقعون في كهوف, لا يخرجون إلى النور, ولا تلمس عقولهم أشعة الشمس, لتضيء معالم الحياة, يتخبطون في ليل سرمدي, تفقد قلوبهم كل معنى, غير معنى واحد, لستارة سوداء تختفي ورائها الحياة الحقيقة, وفي بلادنا تردينا العصبية, وتجعل منا أقوام خفافيش, يضرب الظلام على عيونهم وعقولهم ضرباته القاضية, والتي تخسف بنا الأرض, فتجعلنا في ذيل الأمم, إننا نتعصب حتى للتعصب بأقوال وأفكار هدامة, غبية منبعها جهل مدقع ضارب في نفوسهم وقلوبهم منذ أزمان غابرة, لم يترك لنا منفذ ضوء, يتسلل لنا, فتنقشع هذه الظلمة الأبدية, جاء الإسلام ليهدم العصبية على رؤس العرب, التي تقدسها, وتجعل لها المرتبة الأولى في حياتهم, تستعرض بها, وتنادي وتصرخ في كل وجه, جاء الإسلام لينكر عليهم ظلمات العصبية, ويعطي لنور الحياة الحقيقة الفرصة في أن تمتد المساحات الحقيقة, التي تفهم الإنسان, وتكن له كل تقدير, مهما كان أصله وفصله, فليس للغنى أو لسلطان الرجل موضع, إنما الإنتماء للإنسان, والتقدير إليه في كل وقت وأينما كان.
ان حين تكشف لهم عوراتهم الفكرية واخطائهم في مسالكهم واساليب تفكيرهم يجعلوك في مقدمة مبغضيهم ان الانسان يكره ذلك الذي يصغره ويجعل من عقله الذي يعتز به امام الاخرين ساذج سطحي لا يحسن استنتاج ولا قدرة لهم على التفكير العلمي الصحيح فالجهالة المحققة التي يتجها عقله تراه وقد صارت لا قيمة لها
كثير ما يبرر الانسان لنفسه كثير من الحماقات التي يرتكبها فان الانسان لا يريد ان يظهر امام نفسه بشيء يعيبه او يقلل من مكانته امام نفسه يختلق الاعذار التي يريح به نفسه وضميره ولعله في هذا يخدع نفسه قبل ان يخدع الاخرين ويوهم نفسه قبل ايهام احد من الناس
ان محاولة خداع الناس وتضليله عن حقيقة الشخص قد تصير مع الوقت الى خداع النفس ذاتها وتضليلها
قبولها قبول للحياة والجهل بها جهل بالحياة الحقيقة