هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تكوين الثروة السهل حاليا .. والصورة الشاملة
  • تلك الجلسه..
  • تغريد الكروان: اعمل عقلك
  •  أيوا بحبك 
  • أول لقانا
  • لا تريدك ..
  • وجه متاح..
  •  الطلاق مش موضة... ولا لعبة نكسر بيها البيت 
  • النية التربوية.. البوصلة الداخلية لسلوك الأبناء والقائمين على التربية وأول الطريق لوضوح الأثر. 
  • تنبيه سياسي || النووي الايراني أصبح ضروريا للردع
  • خيار المواجهة
  • انها حرب وليست مسرحية
  • تبًا لعالم لا يعرف السلام
  • العناق الأخير في أول لحظة
  • الست المطلقه…و العيال اللي بينهم
  • بُنيان
  • قتل المصلين في الكنيسة بسوريا
  • زهرة الرقيقة
  • خذلان الدور
  • الكشك - الحلقة الثانية : يوم الاثنين
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. حفار القبور الجزء الثاني والأخير

الشكل من بعيد كفن، لكن لما قرب شكيت….

مكنش شكل جسم معتاد جواه، كان في كعبرة كده في أماكن وأماكن لأ، كإن اللي جوه الكفن شوية طوب أو كوبايات أو…تماثيل…

بصيت على وشوش اللي حاضرين الدفن، محدش فيهم كان متأثر، كانوا بيراقبوا بس عملية الدفن باهتمام وده اللي أكد الشك…دي تماثيل، إيه بقى نوعية التماثيل دي، من جوايا كنت عارف بس عامل عبيط….

بحسبة بسيطة كده القبر ده هيتفتح كمان كام يوم ولا كام شهر، الله أعلم إمتى، والأمانة اللي فيه هتتاخد لما يلاقولها صرفة، دي تماثيل فرعونية من مقبرة اتفتحت طازة! وده يفسر الفلوس اللي كرمشها الخطاط وادهاني في إيدي….

لما رجعت البيت والنوم كبس عليا شفت حاجة، هناك، مستخبية في الركن، كان جسم موطي ، الضهر مأتب، عامل نص دايرة وملفوف كله بالشاش، من ساسه لراسه، كإنها…موميا…

عيني فتحت عالآخر، فوقت بعد ما كنت خلاص هسلم للنوم، بس ساعتها الموميا اختفت، ده ضيف جديد هينضم لقائمة الأشباح والجن اللي مأنساني؟ ولا دي مجرد تهيؤات؟

……………..

ماخدتش وقت كبير عشان أعرف الإجابة، عشان بعدها بيومين "إلهام" تموت!

صحيت لقيتها زي الحجر مش بتتحرك، خرجت استنجد بالناس، طلبوا الإسعاف وجم خدوها وقالوا إنها ميتة ومن ساعات والأسباب "طبيعية"....

ماتت عادي أثناء النوم….

لكن أنا بقى متأكد إنه مش عادي….

الجن هو اللي قتلها زي ما قتل "سلوى" قبلها، أنهي جن بقى الله أعلم، الجن اللي صاحبني من زمان بسبب شغلنتي واللي مرافقني في كل مكان ولا قرين الراجل إياه اللي دفنته اتكروتت ومحضرش الدفنة غير ست مريبة بنضارة شمس بليل ولا قرين مقبرة التماثيل الفرعونية، معرفش، معرفش…..

الغريبة إني أنا بس اللي كنت متأكد إن موتهم مريب لكن الناس حواليا في المدافن ومعارفي كانوا شايفين إنه قدرهم وإن مفيش حاجة غريبة….

أنا مكنتش متخيل إني أقدر أحب من بعد "سلوى" لكن اكتشفت إني حبيت "إلهام" أوي، وبعد ما ماتت كنت بخترف بيها، وأكيد بعدها قفلت باب الجواز ده للأبد، مش بس عشان زهدت في الستات لكن كمان عشان لعنتي متصيبش ست تانية، عشان ميبقاش في ضحية جديدة للجن المؤذي اللي معايا......

.....................

أكتر مشاهدات للجن بأشكاله المختلفة كانت لما بنعس، كنت بشوف الضل والموميا وأشكال تانية غريبة، أشوف مثلًا راجل عادي، شكله عادي باستثناء راسه اللي لما بيوطي بلاقي فيها حفرة كبيرة، كإن حد جاب مقوار وقور في دماغه وفرغها من المخ ومتبقاش غير خلايا ودم...

وساعات كنت بشوف ست ماسكة سكينة بتمررها على رقبتها وراسها بعدها بتدلدل لورا، على ضهرها....

وفي وسط كل الهم ده تظهرلي "نعمة"....

"نعمة" هي بنت المغسِلة "أم طاهر" واللي بتتعلم معاها الغسل وعلطول معاها...

في الأول كنت فاكر إني صعبان عليها زيها زي كل الناس في المدفن، ترميلي السلام مرة "السلام عليكم"، مرة "صباح الخير"، مرة "أحوالك إيه؟"، لكن بعد كده لقيت إن اهتمامها زايد شوية عن الباقي، تديني أكل عملاه بإيديها، تسألني عن يومي ومين بيساعدني في تنضيف البيت وفي رعايتي أنا شخصيًا، مين بيهتم بيا، تبتسملي من غير ما تنزل عنيها من عليا، والنظرة إياها اللي كلها إعجاب كإنها هتاكلني بعنيها...

طبعًا أنا جالي إحساس بالقرف! ايوه، النظرات دي والإعجاب كانوا بالنسبة لي مزعجين، كل ما ترفع صوتها وتعمل فيها رقيقة، المكياج اللي بتلطعه على وشها والريحة اللي بتحطها، أي حاجة في العادي بتغري الرجالة وبتشدهم للستات كانت بتنفرني منها، مش عشان هي وحشة، بالعكس كانت قادرة تخلي نفسها جذابة، لكن عشان التجارب المؤذية اللي اتعرضتلها، التعلق بستات وبعدين فقدهم وبإسلوب غامض وبشع، الحب بقى بالنسبة لي يساوي الموت....

لكن هي مفقدتش الأمل وفضلت ورايا، مصرة توقعني في شباكها لحد ما للأسف نجحت....

بيقولوا "الزن على الودان أمر من السحر" وده اللي حصل لي، يمكن قلت في نفسي الطريقة الوحيدة اللي تخلصني منها هو إني أتجوزها!

لكن قبل ما أطلب منها الجواز صارحتها بالحجر اللي على صدري..

قلتلها:

=الاتنين اللي اتجوزتهم قبلك ماتوا، واللي قالوه الدكاترة مش داخل دماغي، أنا متأكد إني انا اللي اتسببت في موتهم، بسبب شغلانتي، الجن هو اللي قتلهم...

-إيه اللي بتقوله ده، ده كلام ناس تعرف ربنا ولا ناس متعلمين؟ إيه التخاريف دي، ونبعد ليه، مانا هو في نفس دايرتك، نفس كارك، مش أنا بشتغل مغسلة، ليه بقى الجن مش بيطاردني وبيموت الناس اللي حواليا؟

كلامها منطقي! صحيح اشمعنى أنا؟ طب ده هي بتقعد مع الميتين أكتر مني بكتير. بتلمسهم بإيديها وتفضل معاهم لحد ما تتأكد من نضافتهم واستعدادهم للنزول للقبر...

جايز نزول القبر هو اللي بيجيب الجن والشياطين؟ يجوز ده الفرق؟

واتجوزنا..........

...................

حياتنا كانت سلسة، "نعمة" ريحها كان خفيف، مش متطلبة ومش رغاية، بترغي بس لما تحس إني عايز أرغي، كانت طباخة هايلة، كل يوم تعملي صنف مختلف وبأقل الإمكانيات، فضلت معاها سنة كاملة، خلال السنة دي الهمس مكنش بيقف ولا الجن بطل يظهر، تقريبًا كنت بشوفهم كل ليلة، بس كنت بعمل مش شايفهم، بمشي حواليهم ومن خلالهم وبتكلم في وسط همسهم، لحد ما في ليلة شفتها، الست إياها، الست اللي دايمًا بتظهر وفي إيديها سكينة، كنت ممدد، عيني بتغفل لما شفتها قاعدة على السرير، على رجليا المتغطيين بالكوفرته...رفعت إيدها وشاورت على مراتي وقالت بصوت واطي "نعمة"...

بعدها رفعت السكينة ونحرت رقبتها ورقبتها دلدلت على ضهرها!

قلبي اتقبض، تقصد إيه؟؟

فضلت أقاوم النوم حبه حلوين وبعدين استسلمت ....

.............

الليلة اللي بعدها فضلت قاعد جنب "نعمة" عيني مش بتنزل من عليها، رافض النوم، هي كانت مستغربة ومتلبشة، كل شوية كانت تسالني في إيه وأنا بهلفط بأي كلام، قمت اتأكدت إن باب الأوضة مقفول بالقفل والشبابيك مقفولة كويس ورجعت تاني بنفس الوضعية جنبها....

آخر ما زهقت ادتني ضهرها ونامت وأنا فضلت محلك سر، مش عايز لا اتحرك ولا أنام...

مش فارقلي النوم، المهم اتأكد إنها بخير، يعني النوم هيروح فين، مسيري انام، بس، إيه ده؟ النور ده جي منين؟

بصيت ناحية الشباك، في نور اتسلل من خلاله، نور النهار...

إزاي؟ إحنا كنا في عز الليل، ندهتها:

=نعمة

مردتش.

قمت وروحت ناحية الشباك عشان اتأكد، الصبح هل، يعني إيه؟ ده ملوش غير تفسير واحد، أنا نمت، نمت وأنا قاعد مكاني لحد ما النهار جه...

رجعت تاني وندهتها:

=نعمة؟ نعمة؟

مكنتش بترد، لسه مش بترد، صوابعي اترعشت وأنا بلمس إيدها وبشيك على النبض ، مفيش، "نعمة"....ماتت...

مكنش لازم أنام، أيوه، أيوه صح، بدأت استوعب النمط، القتل مش بيحصل غير وأنا نايم، الجن مش بيهجم عليهم غير في نومي، طلعت مني ضحكة، بس وبعدين، استفدت إيه من الاستيعاب ده، استفدت إيه؟ والضحكة اتحولت لعياط هستيري، حطيت إيديا الاتنين على راسي وفضلت أخبط عليها، الناس اتجمعت بره الأوضة، فضلوا يخبطوا ويزعقوا، سألوا عن اللي بيحصل وأنا مستمر في وصلة العياط والصريخ والضرب على راسي....

كسروا الباب ودخلوا، فضلوا يقولوا "لا إله إلا الله" واللي يخبط إيديه الاتنين في بعض، واللي يبصلي بشفقة واللي يبص بريبة، أظن في المرحلة دي كان وصلوا لنفس اللي وصلتله من وقت، أنا...السبب...

مش صدفة! موت التلاتة مش صدفة، في حاجة متعلقة بيا هي السبب في موتهم، إسمه الجن اللي ملازمني أو على قد فهمهم "النحس"...

وزي المرتين اللي فاتوا الدكتور قال إن موتتها طبيعية!

وبكده اتثبتت عليا التهمة وبقيت رسميًا "نحس"، عرفت إنهم سموني في المدفن "مأمون النحس" واستحالت العيشة من بعدها في مدافن أطراف الجيزة وبقيت أدور على مدفن تاني اشتغل وأعيش فيه....

قعدت ييجي 6 شهور عبال ما لقيت مدفن، مدفن قرب القلعة، كان في راجل كبير ساكن في أوضة في المدافن، كان حانوتي، فرح ورحب بيا، الراجل كان وحيد وشكله تعبان ومحتاج صحبة ولقى فيا ضالته، صحيح شاب لكن وحيد زيه معنديش لا ست ولا ولاد يشغلوني عن المدافن وشغل المدافن....

وسكنت معاه وبقينا ندفع أنا وهو الإيجار بالنص اللي كان قليل لكن مش اقل من الأوضة...

الأوضة القديمة كانت بالنسبة لدي قصر، ريحة الصرف كانت موجودة علطول فيها والدنيا كانت ضلمة، الشمس مش بتخترقها والحشرات بتجري فيها طول الوقت والمساحة ضيقة جدًا، الهروب الوحيد بالنسبة لي كان النوم، بس مع كل مرة بنام فيها كنت بشوفهم! بشوف الجن اللي كان ملازمني في مدافن الجيزة وفضل ملازمني ومعاه اشكال جديدة، لكن أكتر واحد كان بيظهر هو الضل، والحقيقة إني خفت عليه، خفت على عم "جبريل"، مكنتش عايز يصيبه زي اللي صاب مراتاتي السابقين، وطبعًا لا هو ولا أهل مدفن القلعة كانوا على علم بالماضي بتاعي وقصص الجن والنحس اللي ملازمني...

واللي خايف منه محصلش لكن حصل السيناريو المخيف أكتر وهو إن عم جبريل سابني، قرر إنه خلاص مبقاش قادر يشتغل وراح لجماعة قرايبه في المنصورة يعيش معاهم اللي متبقي من حياته وسابني لوحدي....

عمري ما كنت بخاف من الوحدة حتى مع الجن اللي ملاحقني لكن من ساعة ما عرفت جبريل وعشت معاه حسيت بأمان رهيب، الأمان اللي لما فقدته خفت أكتر من أي وقت في حياتي...

وبقيت الساكن الوحيد للأوضة....

...............

في يوم كنت راجع من شغلانة في المدافن، كنت منهك، حاسس عيني هتقع من مكانهم، وقتها سمعت صوت غريب ورايا، صوت حد بيتأوه، صوت غليظ، اتلفت لثانية وشفتها....

الموميا، كانت على بعد خطوات مني، بتحك في الأرض، بتمشي ببطء، لكن كل لما تقرب خطواتها بتبقى سريعة أكتر....

أنا اتخشبت، مكنتش قادر أتحرك، دماغي وقفت عن التفكير، عيني كل مدى بتوسع وهي متثبتة عليها، أخيرًا فقت، متأخر، متأخر أوي، خلاص الموميا كانت هتوصل لي، فتحت الباب ودخلت زقتها بإيدي قبل ما أقفل وقفلت...

سكوت تام لمدة ثواني وبعدين...

خبط رهيب على الباب، خبط في كل الاتجاهات في الباب كإنها أيادي كتير، رجعت لورا وأنا عيني عليه، كان بيتهز جامد، استنيته يقع في أي لحظة، لكنه موقعش....

الخبط وقف مرة واحدة....

محدش دخل، بصيت حواليا في كل الأوضة بعد ما ولعت النور، مفيش كيانات ظهرت...صحيح الليل مكنش لسه هل لكن الأوضة دايمًا كانت مضلمة، دايمًا محتاجة نور...

فضلت اتلفت حواليا بقية اليوم، أي زنة دبانة، أي حركة ولو من بره الأوضة بتلبشني...

..........................

معنى حياتي إيه؟ معنى وجودي إيه؟ بقيت عامل زي المكنة اللي من غير روح، كل يوم بحفر للأموات وبرجع أطفح وأنام، معنديش حبيب ولا صديق أفضفضله، معنديش غير العفاريت، كنت فاكر إن ده قمة البؤس لحد ما قابلت "سماح"....

أو عشان أكون دقيق لحد ما ركزت مع "سماح"، أنا عرفت سماح من أول ما اتنقلت لمدافن القلعة، من أول يوم، دي بت بتبيع ساندويتشات بره المدافن، فول وطعمية وبتنجان، وأكلها لا منه حلو ولا منه نضيف بس مكنش في اختيارات تانية معظم الأيام، هي أقرب حد للمدافن بيبع أكل للفطار، زيها زي غيرها، مكنتش ببصلها ولا بتكلم معاها غير كلمتين بالعدد، عايز كذه وكذه، تديني الأكل أديلها الفلوس واتكل على الله، بس بعد وقت لقيتها بتطول في الكلام معايا، بتفتح أي مواضيع، ولما عيني جت في وشها لقيتها بتسبل، وقال إيه تحطلي الأحمر والأخضر وتكشف شعرها، وأيام كتير تقدر عليا وتصر متاخدش فلوس وألاقي طعم السندويتشات مختلف، أحسن وأنضف كتير عن الأول ومتأكد إنها بتهتم بس بأكلي أنا والباقي نفس الجودة الزفت المعتادة، أهو أنا بقى مكنتش ببلع "سماح" دي!

مش بس عشان فعلًا كنت وصلت لمرحلة زهد الجواز وبقى عندي فوبيا منه وبالنسبة لي بقى كابوس، لكن هي نفسها كبني آدمة مكنتش بتنزلي من زور، مكنتش حاسسها طيبة، صحيح مكنتش لسه شفت منها حاجة وحشة، لكن مكنتش مريحة أبدًا، كل حاجة فيها مصطنعة، لا كنت حاسس إن طريقة كلامها هي بجد طريقة كلامها ولا حنيتها بتعكس حنية حقيقية ولا الروح الكريمة اللي بتبينهالي كريمة بحق وحقيق....

وطبعًا تجاهلتها وعملت عبيط، كأني مش واخد بالي، وهي مكنتش بتهبط، مش بتبطل محاولة، لحد ما في يوم شفت الوش التاني....

لقيت وش خشب، ملامح جامدة، عيون حادة، هي دي "سماح" الحقيقية، واللي بلهجة غليظة:

-جرى إيه يا "مأمون"؟

عملت عبيط ورديت:

=أيوه يا آنسة "سماح"؟

-وبعدها معاك؟

=مش فاهم.

-لا فاهم، هو أنا بنت امبارح، مكتوب على أورتي "عبيطة"؟

=عايزه إيه يا "سماح"؟

-عايزاك.

=إزاي يعني؟

-نتجوز، هكون عايزاك في الحرام مثلًا؟

=بس أنا مش بتاع جواز.

-ليك في البطال بس؟

=ولا ده، أنا منفعش في الجواز.

ضيقت عنيها، بنت الإيه كإنها جهاز كشف الكدب، مصدقتش اللي أنا برمي عليه، إني صحيًا مقدرش على الجواز...

-العب غيرها!

=وإن قلتلك إني مش بخلف.

-مش مهم، مش فارقلي العيال.

=يووووه، مالآخر أنا مش عايز أتجوزك، هو الجواز بالعافية؟

-ايه ايه ايه اييه، مش عايزني، طب أنا هوريك، هدفعك تمن اللي قلته ده يا روح خالتك.

صوتها كان جايب أنحاء المنطقة كلها وكانت حاطة إيدها في وسطها وبتشرشح بإيدها التانية...

وبرغم كده، برغم أن أعصابي المفروض تكون صاحية على الآخر وأبقى مُستفز ومتوتر إلا إني حسيت بخمول، اتاوبت والنعاس هجم عليا، يمكن من كتر الملل اللي كنت فيه، زي ما أكون كت بتفرج على فيلم حمضان، السيناريو والقصة والإخراج فيه على الله حكايتهم.... وساعتها شفته!

كان واقف وراها، فاتح بوقه على الآخر واللعاب بينزل منه، الضل! الشكل الإسود من غير ملامح، الجن اللي مش راضي يسيبني في حالي...

عيني وسعت على الآخر ومكنتش بتتحرك من عليه....

-أنت هتعملي فيها عبيط كمان؟

يا ست الله يلعنك!

طبعًا مقلتش الجملة بصوت عالي، سرتها في نفسي واديتها ضهري ومشيت...

................

ونفذت "سماح" وعدها....

دفعتني تمن اللي قلته، اتفاجأت بيها بيوم بتخبط عليا، أنا أصلًا معرفش إزاي عرفت طريق أوضتي، كانت بتراقبني ولا بتبعت ناس ورايا؟

بعد ما فتحتلها الباب قفلته وراها...عرفت من نظرتها إنها ناوية على شر ، وبس، فتحت في الصريخ كإن في حد بيكهربها!

معرفش جابت الحنجرة دي منين، لا والنبرة، نبرة الرعب اللي في صريخها، إيه القدرات دي، وهي بتصرخ كانت بتقول:

-ابعد عني، يا فضحتي، يا فضحتي، حرام عليك....

ومسكت هدومها قطعتها في ثانية... ولقيت غزو على الأوضة، أعداد رهيبة من الناس هجموا عليا وكلهم طبعًا فهموا إني كنت بتعدى عليها...

منطقتش، محاولتش ادافع عن نفسي، مين ده اللي هيصدق إن واحدة تلط نفسها بالشكل ده وتتسبب في فضيحة لنفسها بس عشان تنتقم و...تتجوز...

اه، ما هي "سماح" طلعت بتخطط إنها تتجوز مني وده كان الكارت الأخير، كارت أنا اتفضحت بسببك وحاولت تلمسني والناس كلها عرفت فأنا ليك وبس، مفيش راجل تاني هيقبلني...

مجنونة! ومش الجنان اللطيف، ده الجنان اللي يودي في داهية...

ومفاتش إسبوع وكنت متجوزها....

مكنتش طايقها، لا باجي جنبها ولا ببصلها، بتعامل كإنها مش موجودة، ياما كان نفسي....

أهي دي بقى كان نفسي عفاريتي تطبق على نفسها وتخلصني منها...

وهي اتفاجأت سبحان الله بإني مش طايقها، وكانت مستغربة أوي!

مفيش أي محاولة منها نجحت في إنها تبقى جميلة في عيني، ولأول مرة بقيت بحس بالراحة لما بشوفهم، السكان التانيين، بشوفهم وأنا بحفر القبور وأنا ماشي في المدافن وأنا في الأوضة، في كل الأوقات اللي بحس بيها بتعب أو خمول...

عدى وقت على الجحيم اللي كنت فيه، "سماح" كانت بتصبحني بكلام سم وتمسيني بكلام سم بس مش بتمشي، مش بتمشي ليه؟

وفي ليلة التعب فيها كان بينهش في جسمي زارني الضل....

مسكني من كتافي وأنا ممدد على السرير، حركت راسي ناحية "سماح" اللي كانت واقفة عند البوتاجاز، كنت عايزها تبصلي، صرخاتي مكتومة، مش قادر استنجد، عايزها تنقذني منه، لكن "سماح" متلفتتش ولو مرة ليا، عيني بقت تنزل دموع، مش بترمش، والضل لسه ماسك في كتفي جامد كإنه هيخلعهم، أخيرًا أطرافي اتحركت، حركت رجلي وكنت هنزل من على السرير لكن حسيت باللي بيثبتها مع الرجل التانية، بصيت ناحيتهم ولقيتها الست، أم راس منحورة ومدلدلة، الضل ماسك كتافي ودي ماسكة في رجليا....

يا "سماح"، يا "سماااح"، انجديني، انجديني....

صرخاتي قوية، عالية لكن جوه نفسي، مكتومة، مش بتخرج بره جوفي...

وأخيرًا "سماح" اتلفتت، وشها بقى ليا، جت في اتجاهي و....مددت جنبي....

إزاي؟ إزاي مشافتهمش، طب مشافتنيش أنا؟ مشافتش الرعب على وشي؟ أنا بس، أنا اللي مكتوب عليا أحس بيهم وأعيش العذاب من غير ما حد يدرى؟

......................

-ااااااااااه، الحقوني، هيموتني، الحقوووني

صحيت على دوشة جامدة، جموع من البشر حواليا، جايين...عشاني؟

إيدي كانت قدامي على السرير، متثبتة على وضعية عجيبة، لامسين بعض، عاملين شكل دايرة، كإني كنت ماسك حاجة...

واحد مسكني من اليمين والتاني من الشمال وجروني من على السرير....

"في إيه، إيه اللي بيحصل؟"

وشي كان كله علامات استفهام، مش فاهم حاجة....

رفعت راسي ولقيت "سماح" ماسكة في ست جنبها، مخبية نص وشها في هدومها وبتبصلي بخوف، وشها كان أزرق...

أخيرًا قدرت أنطق...قلت:

=إيه اللي حصل؟

واحد من الناس رد:

-مش عارف؟

حركت راسي بنفي، مش عارف!

أخدوني على القسم، وهناك سمعت أغرب حاجة، قال إيه، أنا هاجمت "سماح" وهي نايمة وكنت هخنقها!

إيه الكلام ده؟ أكيد بتتبلى عليا تاني، ما هي عملتها قبل كده لما ادعت إني اتعديت عليها، بس...إيه تفسير الوضعية اللي فقت عليها، منظر إيدي على المخدة، ومش فاكر حاجة قبلها!

..............

قعدت ليلة في الحجز من أصعب الليالي، دماغي كانت بتودي وتجيب، مش فاهم حاجة ومش مبطل تفكير، عمال أراجع اللي حصل، أحاول أعصر في دماغي عشان أفتكر الجزء المفقود، وكمان....كل اللي فات، بفتكر مشاهد مقطعة من طفولتي، مشاهد متبعترة، مش مترتبة و....هم راحوا فين؟ فين الجن؟ فين الضل والست أم راس مدلدلة والموميا؟؟؟

تاني يوم اتحقق معايا وفي آخر التحقيق النيابة قررت تحولني لمستشفى أمراض نفسية وعصبية، ليه؟

دخلوني في أوضة فيها سراير كتير مترصصة جنب بعض، الأوضة مليانة ناس سرحانين واللي بيكلموا نفسهم واللي بيضحكوا واللي بيزعقوا، أنا قعدت على السرير المخصص ليا، سرحت في الفراغ، بحاول أستوعب الوضع...

ساعات عدت وبعدها ممرض جالي ووداني لأوضة فيها دكتور...

مش فاهم إيه لازمة الأسئلة اللي سألهالي؟ عايز يوصل لإيه؟

سألني عن أي هلاوس كانت بتجيني....

حكيتله، قلتله عن الجن اللي بشوفه من زمان، بس إنها مش هلاوس، ده جن بحق وحقيق، سألني عن بداية الرؤى دي....

رجعت بالذاكرة، البداية كانت...قبل موت أمي....

قبلها بليالي كنت بشوفه، الضل! ياااه أنا كنت نسيت، بشوفه من زمان كده؟

طب وإمتى بالظبط بشوفه، لما...بنعس...

سألني:

-إزاي اكتشفت موت أمك؟

=كنت...واقف جنبها، هي كانت ممددة على السرير، زي ما تكون نايمة بسلام، لكن...كان في دم كتير خلى الملايات البيضة لونها أحمر داكن....

ركز يا "مأمون"، أمك كانت نايمة؟

=كان في تفصيلة كده، مصدر اللون الأحمر كانت رقبتها، رقبتها هي اللي بينزل منها الدم، رقبتها منحورة!

-وأنت يا "مأمون"؟

=أنا....أنا كان معايا سكينة، ماسك في إيدي سكينة، نصلها متوجه ناحية الأرض وفي نقط عمالة تنزل منها....

-نقط؟

=نقط دم

-وإزاي وصلت هناك؟

=مش فاكر، أنت عايز توصل لإيه؟

-أنت مدرك أنت عملت إيه؟ ليه الناس ودوك القسم؟

=معرفش، أنا فاكر إني فقت لقيت نفسي واخد وضعية القط أو الكلب، رجليا وإيديا على السرير وإيدي الاتنين عاملة دايرة كإني كنت ماسك حاجة...

-أو كنت بتخنق حاجة...

برقت، فضلت باصص ليه مستني إجابات....

-أنت يا "مأمون" كنت بتخنق "سماح"، بس هي قاومتك وقدرت تفلت من إيديك وتستنجد بالناس.

هزيت راسي بستنكر، إزاي أنا مش فاكر حاجة زي دي؟ الدكتور كمل:

-أنت مدرك أنك عندك مرض السَّرنمة؟

بلمت...يعني إيه..الدكتور شرح:

- السَّرنمة هو المشي أثناء النوم وواضح إنه عندك من الطفولة. موت والدتك ومراتاتك السابقين...

=لا لا لا لا، لأ، لأ! مش أنا، دول، الجن، الجن هو اللي موتهم، مش أنا!

-إحنا هنقيمك، هتقعد معانا فترة لحد ما نتأكد إذا كنت مغيب فعلًا وأنت بتقتلهم.

الست أم راس مدلدلة، افتكرت!

أبويا دخل الأوضة، شاف المنظر، جري بره، غاب شوية ورجع مع عمي، عمي أخد مني السكينة، معرفش وداها فين، أبويا شال أمي، راسها...راسها كانت مدلدلة ورا ضهرها عشان رقبتها المنحورة، راسها كانت شبه منفصلة عن جسمها...

"مش قدامه!"

عمي قال الكلام ده لأبويا لمجرد ذكره لأمي قدامي بعد مدة من موتها، ده عشان مكنوش عايزني أعرف ولا افتكر، أنا اللي قتلتها! بسبب إني بمشي وأنا نايم، بتصرف كإني واعي وأنا غايب تمامًا عن الوعي، أنا اللي موتهم! موتَ أمي و "سلوى" و"إلهام" و"نعمة"... أبويا وعمي غطوا على جريمتي زمان، دفنوا السكينة اللي قتلت أمي بيها وأكيد اتفقوا مع مغسلاتي مخصوص يكتم على طريقة الموت ودفنوها بسرعة عشان يحافظوا عليا، فهموا، فهموا إني عندي مرض اضطراب النوم، هم الوحيدين اللي كانوا عارفين ودفنوا السر معاهم، ياريتهم ما كتموه!

مش يمكن كان زماني بدأت اتعالج من وقتها، ومكنتش قتلت 3 تانيين...

اتاري! اتاري الجن والهمسات مكنوش بيظهروا غير وقت ما بنعس! الوقت اللي بقرب فيه من النوم، ولا كان في جن ولا يحزنون، ده أنا، أنا وبس ومرضي، إضطرابات النوم، مين كان يصدق إن المشي خلال النوم ممكن يوصل لكده....

اتحجزت في المستشفى بدل السجن، التشخيص اتأكد، أنا مريض، مكنتش واعي وأنا برتكب الجرايم، مليش ذنب، بس هل ده هون عليا؟ أبدًا! كل يوم بصحى وأنا مفزوع، بفتكر إني عملت كده فيهم، انا اللي عملت كده فيهم...

فاتت سنين، المفروض إني كنت بتحسن، مبقتش بشوف الجن زي الأول، من وقت للتاني بس، في يوم كنت بتمشى في جنينة المستشفى، كان في ممرضة قاعدة على كرسي، ماسكة مراية من بتوع المكياج، فاتحاها وبتبص فيها، عديت من وراها، فجأة النوم هل عليا و...شفت انعكاس الضل في المراية ورايا، قرب من ودني وهمس "اخلص منها"....

"تمت"

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة اشرف الكرم
4↓-1الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة ياسر سلمي
9↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
10↓-2الكاتبمدونة حسن غريب
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑20الكاتبمدونة منال الشرقاوي204
2↑15الكاتبمدونة غازي جابر52
3↑15الكاتبمدونة محمد عسكر198
4↑14الكاتبمدونة نورا شوقي186
5↑10الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)148
6↑8الكاتبمدونة اسلام أبو علم140
7↑5الكاتبمدونة دينا عاصم21
8↑4الكاتبمدونة منى أحمد42
9↑4الكاتبمدونة حنان الهواري109
10↑3الكاتبمدونة فيروز القطلبي25
11↑3الكاتبمدونة محمد ابو النور29
12↑3الكاتبمدونة مي القاضي34
13↑3الكاتبمدونة نهى رشاد44
14↑3الكاتبمدونة ريهام الخميسي51
15↑3الكاتبمدونة سحر حسب الله55
16↑3الكاتبمدونة كريمان سالم71
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1077
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب692
4الكاتبمدونة ياسر سلمي653
5الكاتبمدونة اشرف الكرم574
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري499
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني424
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب331946
2الكاتبمدونة نهلة حمودة188205
3الكاتبمدونة ياسر سلمي180052
4الكاتبمدونة زينب حمدي169363
5الكاتبمدونة اشرف الكرم129816
6الكاتبمدونة مني امين116472
7الكاتبمدونة سمير حماد 107036
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97472
9الكاتبمدونة مني العقدة94641
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين89022

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
2الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
3الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
4الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
5الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
6الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
7الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12
8الكاتبمدونة محمد عسكر2025-06-04
9الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
10الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18

المتواجدون حالياً

713 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع