ننشغل في رحلة التربية بتقويم سلوك الابناء وتعديل التصرفات التي تصدر منهم ،لكن كثيرا ما نغفل عن ما وراء السلوك، المحرك الاساسي وراء كل كلمة وفعل . النية ما يميّز بين طفل يعتذر من وضع محبة لأنه تأثر بمشاعر الآخر، وآخر يعتذر من موضع اضطرار لأنه خائف من العقوبة.
النية التربوية هي الهدف الداخلي الذي يتوارى خلف كل تصرف نقوم به نحن الكبار، أو يقوم به الأطفال حتى لو بسيطًا من وجهة نظرنا. تشمل أيضا الفرق بين المربين، من يصحح سلوك الطفل من أجل بناء شخصية قوية سوية، وأخر يصحح لإثبات السلطة والسيطرة .
من هنا لابد لنا من طرح التساؤلات المختلفة للفهم والبحث عن ما وراء الافعال الخارجية والسلوكيات المتكررة .
• لماذا نحتاج إلى فهم نوايا الأطفال؟
غالبا ما يكون السلوك مختلف عن النية، حيث يتصرف طفل ما بعنف لكن؛ نيته حماية أخر يحبه أو يهتم لأمره. وقد يكذب أخر ونيته تفادى العقاب أو الشعور بالخجل .
عندما نفهم النية نصبح كمربين أكثر حكمة في رد الفعل واكثر لطف و هدوء في التوجيه.
• كيف نلاحظ نوايا الأطفال ؟
الاسئلة البسيطة تفتح المجال لمعرفة دوافع الاطفال، اسأله "ماذا كنت تحاول أن تفعل؟" مع منحه الامان التام بدون ادانة أو عقاب، والملاحظة النقية لزمن الفعل والجو المحيط اثناء ارتكابه و معرفة من كان معه من الاصحاب وكيف كانت حالته النفسية حينذاك . من المهم مراقبة السياق كاملا بكل تفاصيله لأن كل الأطفال تخطئ لكن أغلب نواياهم بريئة.
• كيف نزرع مفهوم النية في الأطفال؟
نتحدث عن نوايانا معهم والحرص على تأكيد ذلك كقول.. أنا أساعدك لأنني أحب أن أراك سعيدًا، أنا ألعب معك لأنني استمتع بصحبتك، أنا أقرأ لك القصص قبل النوم لتغذية عقلك. وهكذا ....
غرس النية في كل أفعالهم الصغيرة كالنوم والاستيقاظ والاكل وغسل الاسنان وغيرها من الافعال اليومية ،حتى نرسخ عادة وضع النية لكل فعل .
ولا ننسى أن نتساءل عن نيتنا نحن كمربين، لكل قرار تربوي نتخذه، أو عقاب وحتى الحضن..
ما نيتنا وراء كل هذا؟ هل التوجيه والارشاد لصالحهم، لبناء عقل حر وقلب سليم، أم التنفيس عن ضغوط يومي والانتقام منهم؟ النية تغير الاسلوب وتصنع الفرق وتحمي من مشاعر الذنب المصاحبة لردود الأفعال السريعة .
وختاما.. النية التربوية ليست كلمات نرددها أنما هي بوصلة قلب نربيها فينا بشكل مستمر، يتحدد من خلالها الاتجاه فينا وفي الأطفال لنصنع أناس حقيقية لا توابع مطيعة دون شخصية وهنا يكمن جوهر التربية .