نعم صدق هذا.. فهناك روايات أدبية يمكن لها أن تحرق مصر، ويمكن لها كذلك أن تحرق الوطن العربي كله، بل ويمكن أيضا ان تتسبب في قيام حرب عالمية ثالثة ورابعة وخامسة…
ولعلك تسأل وتتعجب أي نوع من الروايات هذا الذي يمكن له ان يفعل هذا الزلزال في مجتمع يخاصم الكتاب والقراءة؟
ولكني أقول لك: ان هذا وحده يمكن ان يحدث في خيالات كاتب وتهيؤاته، حينما يتصور أن عمله الذي كتبه لا مثيل له على وجه الأرض، وأنه آية في الإتقان والابهار، وان الدنيا كلها معجبه بها وان العالم كله كان ينتظره.
لكن أن تكتب إحداهن رواية عن أحداث دنشواي وتسرد الأحداث حول جلاد نشواي الهلباوي بك، ثم تخبرنا أن الرواية أحدثت خصومات مريعة لم تكن تتصورها بين أحفاد ضحايا دنشواي وبين أحفاد الهلباوي، من هجوم وتراشق وخصومات، ثم تقول إنها قد وصلها تهديد مباشر من أحفاد الهلباوي، فذلك أمر لا أصدقه فأي أحفاد هؤلاء الذين يذكرون جدهم منذ أكثر من مائة عام.
أعتقد ان هذا السيناريو من تصور الكاتبة، وحتى لا أظلمها طلبت منها ان تطلعني على نموذج من هذه التهديدات التي طالتها شخصيا، لكنها لم تجبني.. هذا الكلام جاء في إعلان ممول أصدرته الكاتبة، وبعض الاصدقاء أخبرني انه كلام تسويقي عار تماما من الصحة، وعندي أن الكاتب الأوحد الذي جر عليه قلمه تهديدًا في مجال الفكر هو العملاق العقاد، ولم يكن بعده أحد.. ولماذا يهددك أحفاد الهلباوي، وماذا جنيت أنت حتى يهددوك؟
هل افتريت عليه كذبا او ألصقت به مالم يكن فيه؟
أنتِ مجرد راوية للأحداث تعيدين ما وبخه به التاريخ في شكل روائي.. أنا لا أحب هذا النوع من التسويق المبني على التهيؤات والخيالات، طمعا في اقناع العالم ان قلمي وعملي قد هز عرش الثقافة، بينما الحقيقة أنني مغمور لا يعرفني أحد.
لو أرسلت لي الكاتبة نموذج من هذه التهديدات فاني سأعترف أنني مخطئ وأحذف هذا الكلام، لكنني على يقين أن ذلك لن يحدث لأنه لم يحدث، ولأن هؤلاء المهددون من أحفاد الهلباوي كان الاولى بهم ان يحرقوا كل كتب التاريخ التي صبت اللعنة على جدهم الأثيم، بدلا من أن يستقووا بعضلاتهم على كاتبة لا يعرفها أحد.