الحق يا أخي ليس وجهة نظر.. بل هو الحق والحقيقة.
إنك قد تختلف في حواراتك الثقافية والفكرية مع كثير من العقول وتشتبك مع كثير من الأفهام التي توافقك أو تختلف معك، وكل منكم يبحث عن الحق ويريد طريقه الذي يدل عليه ويهيده إلى عتباته.
أما أنا فيقابلني في طريق الاشتباك العقلي والحوار الثقافي عقول أحترمها لكنني أتعجب من إيمانهم العجيب بأن لكل منا وجهة نظره التي تختلف عن الآخر، وانا هنا لا أعيبهم أو أنتقص من معتقدهم، لكن نكراني الكبير وأسفي منهم أنني كلما أتيتهم بالدليل والبرهان الذي يطابق الحقيقة والواقع يعترضون علي ويخالفونني قائلين بأن هذه وجهة نظرك.
وأنا أتعجب كيف تكون وجهة نظر تحتمل الرفض هذه التي تزيت بالحق والبرهان والدليل الدامغ.
كيف تكون الحقيقة مجرد وجهة نظر يمكن رفضها من باب أنها وجهة نظر توجد وجهة نظر أخرى تضادها وترى الحق في ساحة مباينة؟
هب أن الشمس تخرق صلب السماء فأقول لك ان الشمس طالعة وها هي بأشعتها المنيرة، فإذا بك تقول لي: هذه وجهة نظرك فأنا أرى الشمس غير طالعة!!
هل هذا كلام يعقل أو يقدر؟
وهذا آخر قد نختلف على مكان طلوع الشمس فأقول له انظر ها هي تطلع من المشرق، فيقول لي: هذه وجهة نظرك، لأنني أرى أنها تطلع من المغرب؟!!!
هل هذا كلام يحترم أو يقدر ومعي الشاهد والدليل؟!
بل الحق أقول لك: إن هذا قصور نظر لا وجهة نظر.
ان كل إنسان في الدنيا يختلف معك له وجهة نظره، فإن أتى بالدليل والبرهان فهو في صف الحقيقة، وإن عجز فهو في صف الخطأ.. فإن أتى بالدليل فلا تصف رأيه بأنه وجهة نظر وإنما تصفه بأنه الحق، وذلك لأن الحياة فيها شيء اسمه الحقيقة والحق، وهناك ما ودنهما، فمن حام حولهما وأتى بهما فهو الصواب وغيره هو الخطأ.
وهناك ميدان قد تتعدد فيه الحقيقة بمشاربها وأجزائها، وهنا فقط تكون وجهة النظر مقبولة ومعتد بها وتحترم وتقدر، لأنها أتت منها بطرف.
وأنا على قدر احترامي للرأي الآخر وتقديري لظروف الآخرين وعقلياتهم واستنتاجاتهم، إلا أنني أعترف بأنني لا أطيق تحمل هذا الهراء، الذي يرفض الحقيقة تحت دعوى وجهة النظر الأخرى، وعندي أن هذه تكون مكابرة وغمط عنيف للحق.
وأولى بهذا المنطق أن يصف عناد المشركين الضالين الكافرين بوجود الله بأنه وجهة نظر، ثم يطالبني باحترامها.