يوم أمس قضيت يوما مثمرا في صحبة الفنان الكبير محمد رياض والمخرج الكبير حسني صالح صاحب مسلسل الرحايا وشيخ العرب همام وقلع الحجر وغيرها..
كانت الدعوة من معالي الوزير وقاضي مصر الاول الشهم النبيل (بهاء بك المري) الذي جمعنا على مأدبة لا أجد لها وصفا من فرط كرمها وعطائها وسخائها إلا أنها مأدبة الملوك.
كانت هناك انطباعات ورؤية وثغرات وقفت أمهاما نفسي وأنا أتأمل وأرصد حديث الفنانَين، وهو ما أحببت نقله إلى القراء عن أشخاص من عالم لا نعرف منه إلا ما نسمع او نقرأ من حاله..
كانت هناك أسرار عن حقائق فنية هزت مصر في زمن مضى.
كما كان هناك تأكيد على وجود فنان صاحب رسالة.
رأيت هناك طموحات لرغبة أكيدة في تحسين ما افسدته الدراما والاعلام من كثير من القيم
مما جعلني في سرور مما اسمع وأرى.
الجلسة كانت راقية بامتياز تخللها الكثير من الحديث عن الدين والتاريخ والمشوار الفني للأستاذين وما اكتنفهما من تحديات، وهي تشبه مسامرات المثقفين والأدباء التي نسمع عن جمالها وتدفق نشوتها الآسرة للوجدان.
وجدت في محمد رياض ثقافة دينية وتاريخية باهرة، إذ كان يذكر دقائق غائرة تدل على اطلاعه الوافر.
استعرض الفنان محمد رياض محبته الكبيرة للغة العربية، والتي ابتدأ مشواره معها في معهد التمثيل حينما اختبرة الفنان سعد اردش فنصب الفاعل، فانزعج منه جدا ونهره، ومن وقتها قبع على كتب النحو وبحث عمن يدرسها له، وظل شهرا كاملا حتى أتقن اللغة.
ذكر رياض كيف أن حماه الفنان محمود ياسين، عاشق للغة العربية، وروى لي انه ذهب معه يوما لصلاة الجمعة، وكان الخطيب يخطئ في اللغة، فلاحظ أن الفنان محمود ياسين كل دقيقة يستغفر ويمتعض من أخطاء الخطيب اللغوية.
سألنا رياض وهذا مما اعحبني فيه جدا انه يبحث عن شخصية شيخ ازهري وإمام مسجد ليجسد شخصيته حتى يعيد احترام الناس لشخصية الشيخ.. لم اصدق ما سمعت وقد شاركه في هذا المخرج الكبير حسني صالح.. والذي ذكر لي بدوره انه مستاء من الدراما التي اهانت صورة الشيخ حتى إذا ما احتجناه اليوم لمواجهة التطرف، لم نجده لأن الدرما هدمته منذ زمن.
حينما رأيت رياض رجعت بي الذاكرة إلى مسلسل العائلة الذي هز مصر حينما أنكر فيه الفنان محمود مرسي عذاب القبر، فقامت الدنيا ولم تقعد وانقلب الرأي العام وتدخل الأزهر باستنكار كبير.
ذكر لي رياض ما حدث وأنه لا ذنب لأحد في الموضوع، فالمؤلف وحيد حامد استنكر الأمر وقال انا لم أكتب هذا الكلام، وحينما سألت رياض كيف لم يأخذ احد باله، قال لي: عدت على الكل، وكانت من اجتهاد الفنان محمود مرسي وافكاره هو، ولم يذكرها المؤلف أو يوكدها المخرج.
المخرج والفنان كلاهما حريصان على الصلاة بشكل دقيق.. وقد نظر رياض لحسني صالح وقال له هل تذكر أيام اسماعيل عبد الحافظ وكيف كنا انا وانت وحدنا نصلي سويا في العمل؟
الرجلان كلاهما في قمة التواضع والاحترام والادب والترحيب، لا كبر ولا تعالي ولا إعجاب بالنفس.
كان يصاحبنا كذلك المنتج الشاب المحترم شادي أبو شادي وهو شخص ظريف مهذب ذكر لي انه رئيس مجلس ادارة جمعية أبناء ابو شادي في كوم حمادة وانه زار قريتي سنجرج مرتين، وله علاقة وثيقة بعائلة أبو شادي.
وكان معنا يشاهد هذه الحوارات الممثل الصاعد ابراهيم المري واسرة المري وابنائه الذين لم يقلوا مروءة وكرما وحفاوة ترحاب وبسطة لقاء عن رائدهم الكبير.
أما رمانة الميزان او جوهرة اللقاء فكانت في الحضور الزاهي الباهي للاعلامي الفذ والمفكر الكبير ابن المنوفية وفخرها الاستاذ تهامي منتصر الذي امتعنا بحديثه واطروحاته، وكان قبلتنا التي أجابت الفنانين على كثير مما يحيرهما في مختلف القضايا الدينية والتاريخية والفكرية، بما حباه الله من عقل متأمل وحافظة قوية وفهم رشيد سديد.