مؤمن أنا أن سوريا الآن في خطر كبير، وان كل عربي غيور قلق على مستقبلها من التقسيم والتآمر والتفرق، لكن ما حدث من معجزة جعلني لا استهين بأي عقبة مهما كانت، فمن فعل هذه المعجزة وأسقط أكبر نظام عربي قمعي متوحش، قادر ان يحفظ سوريا ويلم شملها بعون الله.
فمما يسترعي الانتباه بقوة، أن قيادة المقاومة التي أطلت علينا وأفهمونا زمنا كبيرا أنها إرهابية، قد بدا عليها من السمت القيادي والتنظيمي الفائق ما يجعلنا مؤمنون أنها واعية لكل ما يدور حولها من مؤامرات وأطماع، وهي قادرة بعون الله ان تتعامل مع ملف سوريا ما بعد سقوط الأسد بكفاءة واقتدار.
بعض العقليات تتصور أنه مجرد نظام مغضوب عليه قد سقط لأنه أساء الإدارة، ولكن الأمر أكبر ذلك، فمن سقط هي أبشع طائفة عرقية عنصرية ملحدة فاجرة حكمت البلاد بالحديد والنار أكثر من خمسة عقود، مما يجعلني أن أقول: إن سوريا لم تتحرر وإن ما جرى كان بمثابة فتح جديد لسوريا مثل فتح خالد ابن الوليد.
هناك عقليات أخرى تعوم في -البطيخ- تتصور أن سوريا هي التي سقطت، ولم يستوعبوا انها سقطت منذ أكثر من خمسين عاما حينما حكمتها الطائفة النصيرية الكافرة المغالية، ويؤمنون ان بقاء البلاد محفوظة من التمزق مع قهر الإنسان فيها أفضل من تمزيقها وتفريقها، بينما الحقيقة ان البلاد لا قيمة اصلا لوجودها وبقائها مع زوال الإنسانية فيها وقهر كرامة الشعب وسحق طوائفه وأبنائه.
الشعب السوري اليوم يسترد كرامته وعزته بل لا ابالغ إن قلت: إنه قد ولد من جديد، وما كنا نتصور أبدا أننا سنعيش حتى نرى هذه اللحظة التي أذن الله فيها بدحر الطائفة العلوية الفاجرة، التي إن شئت أن تتعرف على جرائمها فانظر إلى الخارجين من سجونها اليوم، بعضهم مسجون منذ أيام الطاغية الأكبر حافظ، وبعضهم فقد الذاكرة من التعذيب، ونساء وأطفال لم يسلموا من السجن والاعتقال.
أرى من المشهد أن الغرب مفزوع ولن يهدأ ولن يترك سوريا في أيدي فاتحيها ومحرريها يهنأون بنصرهم، لأن المقاومين يرفعون الشعار الإسلامي، وهو ما يعني كثيرا من التخوفات المفزعة على مستقبل المنطقة، فلو كان المحرر علمانيا او يساريا لاستبشروا، ولكن المخيف انه إسلامي، وإسلامي معتدل ومدرك وواعي ودارس وفاهم، بعيد كل البعد عن الإرهاب والداعشية وصنوف التخلف والرجعية، وأنها مقاومة وليدة قهر وذل ولم تكن وليدة فكر مخالف أو أيديولوجية مغايرة.
المسؤولية اليوم أكبر على هؤلاء المقاومين في حفظ بلادهم، وجهادهم الحقيقي سيكون في مرحلة ما بعد الأسد، بل النصر الحقيقي هو النصر فيما بعد الأسد، فهل ياترى ينتصرون ام يضيع النصر بين أنياب الغدر والمؤامرة؟
قلت من سيجيبنا هي الأيام وحدها، لكن الرهان على المقاومة كبير ومبشر.