لعلنا جميعا نذكر جريمة التحرش والسرقة لفتاة المعادي مريم محمد ،التي أودت بمقتلها وتصريحات الشيخ الدكتور عبد الله رشدي حول الحادثة، التي أدان فيها فعلة التحرش، وعقب على هذه الإدانة بأن الملابس غير المحتشمة للفتيات، قد تكون أدعى الأسباب لوقوع مثل هذه الجريمة.
وبهذا التصريح.. تعرض رشدي لموجة عنيفة من النقد والهجوم، والادعاء بأنه يعادي المرأة ويقيد الحرية، فللمرأة أن تفعل ما تشاء وكان الأولى به أن ينصب لومه على جريمة التحرش وحدها دون أن يفرض على المرأة هيئة معينة.
وردا على هؤلاء كتب رشدي يقول: "عدم احتشامك حرام.. بس دا مش مبرر لأن حد ينظر لك أو يقرب منك. لما نتكلم عن الاحتشام فدا لأنه واجب شرعي ولأن الخلاعة والملابس الفاضحة حرام.. مش معنى دا إننا نُبيح لحد إنه يلمسك. تصريحاتي كلها بقول فيها: التحرش جريمة غير مبررة. كون إن بعض العقول تتخيل عكس كلامي فدا عيبهم وليس خطئي"
لكن هذا الكلام والتوضيح لم يعجبهم، وأصروا على اتهامه والهجوم عليه.
ما الذي دعاني اليوم لتذكر هذه الواقعة التي حدثت منذ عامين؟
الذي دعاني لها هي قراءاتي التي تستجلي الحاضر بمنظور الماضي، فبين يدي الآن مقالا لكاتب من الكتاب ليس أي كاتب، وليس مجرد صاحب قلم ورأي ، بل هو من فرسان التنوير، ورمز من رموز الثقافة المصرية ورائد من روادها الكبار، وهو شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2018م، إنه الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه (مختارات من مقالات الأهرام) الذي طبعته له مكتبة الأسرة والهيئة المصرية العامة للكتاب، فماذا يقول الشرقاوي بهذا الصدد؟
يقول الشرقاوي في مقال بعنوان خواطر حرة عن التلفزيون والصحافة: " لاريب أن القضاء قد وجد في مظهر أو في سلوك النساء الضحايا ما يشجع على الجريمة !! أهو ذلك حقا؟ إن كان ذلك كذلك فليعلنها القضاء ليعتبر الآباء والأزواج وأولياء أمور النساء فلا تخرج واحدة من بيتها متبرجة أو في ملابس غير محتشمة، ولا تترك واحدة تمشى في الطريق على نحو مثير !!
ففي مظهر بعض النساء ما هو دعوة صارخة للخطف والفتك والاغتصاب !! أرجو أن يقرأ المهتمون والمختصون وأهل الغيرة ما نشر الأستاذ الكبير جلال الحمامصى يوم الجمعة الماضي ففيه ما يثير التفكير وما يجب أن يكون موعظة للنساء! فقد نشر رسالة من فتاة تصف أحوالها حين كانت تخرج في ملابس غير محتشمة وما تعرضت له من مضايقات بعض الشباب ثم ذكرت بعد ما لقيته من احترام حين ارتدت الزى الإسلامي، فوجدت من الشباب من يترك لها مكانه في وسائل المواصلات احتراما لها بعد أن كانت وهي غير محتشمة الشباب لا تجد إلا المضايقات ومحاولات هتك العرض !!
حقا إن من اهم وسائل القضاء على هذه الجريمة المزرية احترام النساء لأنفسهن بالتزامهن الحشمة في الملبس والمشية وبعدهن عن التبرج ! وفي ذلك كله سد الذرائع !!"
ويبقى السؤال هل يعاب على الشرقاوي ويلام بنفس اللوم والهجوم الذي قوبل به رشدي؟
أعتقد أن ذلك لا يحدث أبدا وذلك لسبب بسيط وهو أن الشرقاوي ليس عالم دين، ولا داعية ينطق باسم الدين، وما تكالب المتكالبون على رشدي إلى لأنه يعبر عن هذا الدين.
لاشك أن اسم الشرقاوي الذي تحدث من معين الأصالة والقيم والعادات، سيخرس الجميع، ولن يجترئ أحدهم على التفوه بنصف كلمة أمام الإسم الرنان، لكن أوباشا حلا لهم أن يفجروا القضية ويتجنوا على الشيخ، ليصطادوا في الماء العكر ، ويظهروا كيف يكبت الدين حرية المرأة.؟