حينما أقول لأحدهم لي كتاب كذا وكذا ظنا مني أن هذا مناط تفضيل وإكرام، فإذا به يرد علي قائلا: وإيه يعني أنا ممكن أعملك كتاب واطبعه وأنشره ثاني يوم، لأكون مثلك وأحقق ما حققت.
إنه محق فعلا في ادعائه، لأن مسألة التأليف لم تعد حرما مقدسا أو حلبة وعرة يخشاها كل المثقفين، بل صارت اليوم كلأ مباحا وحرما منتهكا يلوكه بهرفه كل أحد.
وكم كنت احلم أن يكون لمضمون الكتاب معنى مختصرا من جملة أو جملتين يشرح قيمته ويدلل على امتيازه، حتى نعرف الغث من السمين.. لكن الورق للأسف مبهم أخرس لا تستطيع كشف باطنه الا بالوقت الذي تمنحه له.
نعم أخي يمكنك فعلا أن تؤلف كتابا، وتطبع وتنشر وتضع اسمك عليه، لكنني أتحداك أن ينطق كتابك بقيمة، أو يعبر عن ثقافة، او يحقق محتواه تقدير القراء.. فتلك صنعة وعطية لا يؤتاها إلا مثقف أكل الكتب اكلا، ومنحه الاطلاع فكرا وذوقا وبصرا.
ليظل الفكر والابداع حرما مقدسا لا يعبر عنه او ينطق به الا مثقف حقيق أكيد أصيل صحيح غير مغشوش ولا زائف.
ألَّف ما شئت أن تؤلف، لكن النهاية المكللة بالحقيقة وحدها هي الحكم بيننا، والتي ستقضي بحكمها الخالد في محكمة الثقافة، أن ورقا لا قيمة له مصيره سلة المهملات.
فنصيحتي لك إذا أقدمت على تأليف كتاب فلا تنس أن تذهب إلى السوق لتشتري سلة المهملات التي تضع فيها كتابك بعد طبعه.