القراءة الخطأ ليست هي التي تعنى بمكان القراءة أو وقت القراءة أو وضعية القراءة.. وإنما تأتي على رأس هذه الأخطاء.. ماذا نقرأ ولمن نقرأ؟ ذلك لأن القراءة في أي موضوع من الموضوعات لغير المتخصصين فيه يخلف مصائب هائلة.. ولعلني ألمح هنا لمسألة الدين والتاريخ الإسلامي بالتحديد.
والدين والتاريخ لا ينفصلان، لأن قوما عرجوا على التاريخ ليكون استدلالهم على تشويه مسار الدين وحضارته.
فلا يمكن أبدا أن تبني ثقافتك الإسلامية على كتب طه حسين مثلا، وأنت أمام التضخيم الإعلامي عاجز كل العجز أن تفصح عن الحقيقة وتؤكد أن كتابات الرجل بها مفاسد فكرية وعلمية عظيمة.. لن يصدقك أحد أو يستوعب ما تقول، لأن الإعلام له سحره الفتاك.
حتى الأستاذ العقاد رغم تقديرنا له واعتزازنا بكتاباته الإسلامية إلا أن هناك بعض الأخطاء التاريخية لا يمكن التسليم بها أمام الآثار الواردة وتأكيدات الأئمة.. قرأت له مؤخرا إصراره ونفيه أن معاوية من كتاب الوحي، وقد قرأت لابن تيمية أنه من كتاب الوحي.
وعندي أن ابن تيمية أعظم علما ومكانة وثقة عن الأستاذ العقاد.
بعض السطحيين يقع في يده كتاب ديني لملحد أو مستشرق ماكر، فيظن أن الكتاب يتحدث عن الإسلام ويشرح ما فيه، والحق أنه يقتل ما فيه.
لا يمكن مثلا أن أعتمد دائرة المعارف الإسلامية كمرجع نستقي منه ثقافتنا الإسلامية، وهي نتاج ما جمعه المستشرقون عن الإسلام دينا وحضارة وتاريخا، وهي تغط بالأخطاء الفادحة والأحقاد الفاضحة التي تحتاج إلى ردود.. لكن الجهل والسطحية يخلف لنا كثيرا من الكوارث.
أرى أحدهم يعتلي المنصة ويقرر شبهات المستشرقين وكأنها حقائق علمية او تاريخية أو دينية ثابتة، والناس لا تعرف ولا تقرأ وتصدقه وتؤمن بكلامه، والجهل هنا أصاب الإثنين، أصاب من قرأ ومن لم يقرأ، وعندي أن من لم يقرأ أسعد حالا ممن قرأ.
ومن هنا علمنا وأدركنا أنه ليست القضية أن تقرأ مجرد قراءة، ولكن القضية تكمن فيم تقرأ ولمن تقرأ.؟
لا يمكن أن أتناول موضوعا في أي علم من العلوم دون الرجوع إلى المتخصصين فيه، وكذلك الدين والتاريخ، لابد فيه من ذلك، حتى تنجو من الأخطاء والأغلاط الكارثية.
إن الدكتور منصور فهمي رحل إلى فرنسا لنيل الدكتوراه، وكانت ثقافته عن الإسلام متبورة معدومة ووقع فريسة للمستشرق اليهودي المجرم (ليفي بريل) الذي أفهمه وعلمه وأفقده الثقة في الإسلام عن طريق رسالته العلمية عن حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها، والتي بنيت كلها على أكاذيب ومفتريات.. وقامت عليها كثير من المعارك الأدبية.. ولما رجع فهمي وكان يغلب عليه صوت العقل، بدأ يجالس العلماء والدعاة وأدرك أبعاد المؤامرة وانتصف للإسلام الذي جهل عنه الكثير، وصار كل ما لديه حصيلة فهم الغرباء عنه، ومحال أن ينصف الغريب دينا غير دينه خاصة حينما يكون هذا الغريب حقودا خبيثا متآمرا.