كما نعاني أحيانا في بعض من نقرأ لهم من جهل لغوي وجهل علمي وجهل توعوي وإدراكي، نجد أن الجهل البصري لا يقل ترديا عن كل هذه الجهالات إذ هو حاضر ملاحظ يصرخ بقوة في آذان الفاهمين.
لا أعرف ما هذا -الاستهبال- والاستهتار الذي يتملك عددا من العقول التي تشرف على كثير من الصحف، أوتعمل في مواقعها الالكترونية، وهي قمة في الجهل والسطحية والعبث المعلوماتي.
صحفي أو كاتب أو مخرج أو مصمم، يعد صحيفة أو يصمم موقها الالكتروني، ولا يعرف شكل وصورة الأديب الكبير محمد فريد بك أبو حديد، وهو مطالب أن يأتي بصورته لتتناسب الموضوع الصحفي الذي ينسقه، وكان كل ما فعله أن بحث في جوجل باسم محمد فريد، فخرجت له صورة الزعيم الكبير محمد فريد
فوضعها في الموضوع
ظنا منه أنها الصورة المرادة للشخص المقصود
وآخر أراد أن يتحدث عن الاستاذ محمد فريد وجدي، فذهب في البحث ليضع لنا كذلك صورة الزعيم محمد فريد وهو يجهل شكل وهيئة الأستاذ وجدي..
وأرى أن فعل هؤلاء الأشخاص فحش بصري وتضليل مرئي، لا يمكن إغفاله أو اعتباره شيئا هينا، والأولى أن يعاقب هذا المنسق الذي أسهم في تضليل القراء والناشئة، ونمى فيهم جهالة عظيمة برموزنا الأدبية والوطنية
نفس ما حدث حينما وجدت أحدهم يوما يتناول حديثا عن الفيلسوف عبد الرحمن بدوي فوض لنا صورة سلامة موسى، ولا أدري ما عذره إذا كنا نعذر من سبقوه، فإن العلاقة بين الزعيم محمد فريد ومن يشبهوه في اسمه مقبولة، ولكن ما علاقة بدوي بسلامة موسى؟
هل ياترى لأن صورة كلاهما في زمن الأبيض والأسود؟
لا أعرف.!
ومما لا أنساه أبدا من صور الجهل الصوري البصري، أن أحدهم إذا ذكر أبو حامد الغزالي، وضع لنا صورة الشيخ محمد الغزالي، ظنا منه أنه غزالي واحد، وأن الحاضر في عصرنا الحديث هو المعني والمقصود.
كذلك مما يغريني بالضيق أن أتحدث عن العلامة الدكتور محمود محمد عمارة، فأجدهم يضعون صورة الدكتور محمد عمارة عجزا منهم عن التفريق بين الرجلين، ومن العجيب، أنه حينما مات الدكتور محمد عمارة، نعته هيئة كبار العلماء التي كان عضوا بها، وخرج ممثلها الدكتور إبراهيم الهدهد في الخبر يعني الراحل الكريم، فقام أحدهم وأنشأ صفحة خاصة للدكتور محمود عمارة في اليوكيبيديا وبحث في جوجل عن اسم الدكتور محمود عمارة، فظهر له خبر هيئة كبار العلماء، فظن أن الهدهد هو الدكتور محمود عمارة ووضع صورته بدلا من الصورة الحقيقية، والتي مازالت موجودة إلى اليوم جهلا بصورة عالم جليل من علمائنا الميامين.
إن كل هذا التخبط البصري يجعلني أعتقد أن معرفة أشكال وصور الرموز الأدبية والفكرية ثقافة لا يمكن إغفالها.