روعتك وشهرتك وإبداعك الحقيقي، ليس في كونك مفكرا او كاتبا أو عبقريا او ملحدا او علمانيا أو يساريا..
نعم لا يعد كل هذا من مقومات الإبهار فيك، فما أكثر عينتك، وما أوفر من على شاكلتك، ولكن الاعجاز الحقيقي فيك، لو كنت تحمل شيئا من هذه المعاطب وفي ذات الوقت كنت أزهريا، تحمل سهادة الأزهر وتعليمه.!
لو حدث ذلك لكنت الرهان الكاسب واللقطة المناسبة التي يسعون إلى تحقيقها وإيجادها، فالإقناع بالباطل قديما لم يكن يستطيع سدنته أن يحققوه بين أوساط الجماهير، وهم يهرفون في أمور الشريعة، فما أيسر وأبسط أن يردهم المحاور لهم بقوله: أنت لست أزهريا، أنت غير متخصص، هل درست في الأزهر.؟
ظلت هذه الأسئلة مسار فزع للعلمانيين والملحدين والشيوعيين وأصحاب الهوى على طول الزمان.. ومن ثم كان لابد من تكتيك جديد، وعمل مبتكر يبطلون به طرح هذه الاسئلة التي تقف حجر عثرة في طريق الضلال والتضليل.
لابد أن يخرج من الأزهر نفسه من يتبنى أفكارنا، ويقول بأقوالنا، ويدافع عن مفاهيمنا، لابد أن يخرج من الازهر ذاته من يعادي الشريعة، ويقوض اركان وجودها وركائز عمادها.. هنا فقط تتحقق الغاية ويسقط الإسلام.
نحتاج مثلا إلى شيخ أزهري يرقص ويمثل ويحضر الخمارات والمراقص وبيوت الدعارة، ونحتاجه أكثر أن يكون علمانيا او شيوعيا أو حتى ملحدا كافرا، نريدا شيخا أزهريا مذيعا يقدم البرامج ويستضيف الفنانين الساقطين والفنانات العاريات، وتجلس امامه الراقصة ولا مانع ابدا أن يقول لها: أرينا شيئا من إبداعاتك.!
فإن قام معترض طالبناه وقتها أن يخرس لأم المذيع شيخ أزهري.
قديما ههلت الدنيا لكتاب الإسلام وأصول الحكم، وهو كتاب تافه رد عليه العلماء الكبار وأبطلوه بحجج العلم، ولكن الدنيا قامت به وروجت له لأن كاتبه شيخ أزهري، بل وعضو هيئة كبار العلماء، ترك الناس كل شيء، وتمسكوا بكلمة أزهري، وكأنها العصمة التي تمنع المؤلف أن يُخطئ، مع أن الأزهر كله بجلاله أعلن غضبته عليه.
كتاب من هنا نبدأ لخالد محمد خالد حمل الفكر اليساري، ولم يكن به اي ابداع لان خالد كتبه في مطالع شبابه، فأسلوبه وقتها لم يكن به أي نضج، وحينما تقرأ الكتاب تتقزز من سطوره ولا ترى فيها أي فتح أو تناسق، لكنه تصدر المشهد الثقافي وانقلبت لأجله مصر، لأن كاتبه شيخ أزهري.. شيخ ازهري يساري.
مؤخرا حاول اليساريون في مصر تقديم نفس الصورة الخرافية البلهاء، فأعدوا شابا ساذجا وألبسوه العمامة والكاكولة الأزهرية وأطلقوا عليه اسم الشيخ ميذو، وأطلقوه كالمسعور في البرامج والقنوات، يخرف ويضل ويفتري ويكذب..
الفتى ليس لديه أي علم أو فقه، لكن كل مكتساباته أنه أزهري ويتزيا بزي الأزهر، وهذا هو المطلوب.
وهذا المطلب او هذا المشهد مستمر منذ،قيام علي عبد الرازق وإلى اليوم.. ابحثوا عن شيخ ازهري وامنحوه المال والشهرة وخلخلوا ضميره شريطة أن يمرر غايتنا وأهدافنا ويحقق لنا مالم نحققه، ونخرس به ألسنة المعترضين الذين كلما كلمناهم، عارضونا بأننا لسنا أزهريين.
جميل جدا جدا أن يخرج أستاذ جامعي أزهري فيخوض في ثوابط الدين ويخلخل جذورها، أما البقية فعلينا نحن، ولسوف نحيطه بهالة إعلامية ضخمة، ونسانده كما ساندنا من قبل طه حسين، لنروج بين السذج إنه الشيخ المستنير، والعالم المتنور، والأزهري الثائر على التقاليد، ومحرر العقول من الموروثات البالية، وغير ذلك من الجهالات والخرافات التي تخدع البسطاء، أما هو فما كانت حقيقته إلا شيخ مفتون أغوته الدنيا والمال والشهرة، فصار عبدا لها من دون الله.