السَّاعَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَ لَيْلًا، الْيَوْمُ عَلَى وُشْكِ الِانْتِهَاءِ، أَتَعْرِفِينَ مَاذَا حَدَثَ الْيَوْمَ؟ الثَّلْجُ تَسَاقَطَ بِغَزَارَةٍ عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى كَسَا الْجِبَالَ، كَأَنَّهَا ارْتَدَتْ ثَوْبًا جَدِيدًا.
الصَّقِيعُ يَجُوبُ عَلَى رَاحَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، لَكِنَّهُ لَا شَيْءَ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرَاقِ الْبَارِدِ الَّذِي يُصِيبُ قَلْبِي بِقُشْعَرِيرَةٍ.
جَاءَتْنِي مَارْجَرِيتْ بِحَسَاءِ الْبُرُوكْلِي، ثَرْثَرَتْ كَثِيرًا وَهِيَ تَتَنَاوَلُهُ مَعِي.
قَالَتْ: مَا رَأْيُكَ بِالْقَمَرِ اللَّيْلَةَ؟
مُضِيءٌ.
لَا، أَشْعُرُ أَنَّهُ عِمْلَاقٌ الْيَوْمَ.
لَا أَعْرِفُ.
لِمَاذَا لَا تَتَكَلَّمُ مَعِي كَثِيرًا؟
مَتَى سَتُحِبُّنِي مِثْلَهَا؟
كَانَ عَلَيْكَ إِضَافَةُ الْجَزَرِ لِلْحَسَاءِ.
أَتَتَهَرَّبُ؟
أَتَرَيْنَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْفَارِغَةَ مِنَ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُطِلُّ مِنَ النَّافِذَةِ؟
نَعَمْ.
هَا أَنَا ذَاكَ بِدُونِهَا، حَتَّى أَعُودَ إِلَى الْوَطَنِ وَأَرَاهَا وَأَلْمَسَ وَجْهَهَا.
مَنْ يَدْرِي، رُبَّمَا تَزَوَّجَتْ.
لَا، نَحْنُ عَلَى عَهْدٍ.
وَلَكِنِ انْقَطَعَتْ أَخْبَارُهَا، أَمَا زِلْتَ لَا تُرِيدُ تَصَفُّحَ الْإِنْتِرْنِتِ لِتَصِلَ إِلَيْهَا؟
أُفَضِّلُ الرَّسَائِلَ الْكِتَابِيَّةَ.
مِنْ أَيِّ عَصْرٍ أَنْتَ؟
سَأَكْتُبُ لَهَا مَا أُرِيدُ، وَعِنْدَمَا أَعُودُ سَتَقْرَأُهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَهِيَ بِجَانِبِي.
حَسَنًا، سَأَتْرُكُكَ.
وَضَعَتْ قُبْلَةً عَلَى وَجْهِي بَاهِتَةً ثُمَّ رَحَلَتْ.
لِمَاذَا أُحِبُّكِ إِذًا وَأَنَا لَا أَعْرِفُ أَيْنَ أَنْتِ الْآنَ؟
هَلْ غَادَرْتِ الْوَطَنَ؟
أَمْ تَعِيشِينَ فِيهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى؟
وَلِمَاذَا مَا زِلْتُ أَنَا عَلَى الْوَعْدِ؟
لَمْ أَرْحَلْ بِإِرَادَتِي يَا عَزِيزَتِي، كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْ أَخِي الْمَفْقُودِ فِي مَدِينَةِ الثَّلْجِ هَذِهِ، وَإِلَى الْآنَ لَمْ أَجِدْهُ.
آهٍ، كَمْ أَنَا مُتْعَبٌ الْآنَ، سَأُنْهِي الرِّسَالَةَ.
مَا رَأْيُكِ فِي كِتَابَةِ بَعْضِ أَبْيَاتِ الشِّعْرِ؟
بُقْعَةٌ مِنْ ضَوْءِ الْقَمَرِ سَقَطَتْ عَلَى جِدَارِ غُرْفَتِي،
تَمَنَّيْتُ لَوْ كَانَ وَجْهُكِ.
أَشْعُرُ أَنَّنِي أَمْضِي هُنَا، وَظِلُّ حُبِّكِ يَتْبَعُنِي.
أَنَا عَلَى الْعَهْدِ، عَزِيزَتِي.





































