لم أعد أؤمن أن القلم "يكتب" فحسب،
ففعل الكتابة بات أضعف من أن يصف ما يحدث حين تمسكه يدٌ مشتعلة بالوجع،
أو صدرٌ مثقل بما لم يُقل.
القلم لا يكتب…
القلم يبوح.
هو اللسان حين يسكت،
والعين حين لا تبكي،
والصدر حين لا يجد أحدًا يُصغي.
الكتابة الحقيقية ليست تركيب جُملٍ متقنة،
بل بوحٌ خجول، أو انفجارٌ صامت، أو خيط نورٍ يمتدّ من الداخل إلى الحبر.
وحين نقول "كتبتُ ما أشعر"،
فنحن في الحقيقة نعترف:
"بوحتُ دون أن يراني أحد."
لهذا نخاف من دفاترنا القديمة…
لأنها تعرف ما لم يعرفه أحد،
وتحمل اعترافات لم نجرؤ على البوح بها بصوتٍ مسموع.
فإذا وجدت نفسك تمسك القلم،
وتكتب أشياء لم تَنوِ قولها…
فاعلم أن القلم لم يكتبها،
بل أنت بوحت، وهو فقط سَطّر الصدق الذي لم تعد تستطيع كتمه.
---
الكتابة ليست تدوينًا… بل بوح لا يخاف من البقاء.