عبث هي الحياة، منذ الأزل وحتى الأبد السرمدي، قلوب كالجبال تراها صامدة صامتة لا تعلم ما يكمن بين أحجارها الصماء، تحسبها متشابهة وقلوبها شتى، ألماس يقبع في قلب أحدها والآخر يسكنه غرابيب سود تحمل بين طياتها العذاب، تحمله ريح عاصف لا تبقي ولا تزر من حولها أمل ولا تُخلف سوى الخراب..
لعنة هو العشق، يتسلل إلى القلوب كحية ملساء تغويه نعومتها وألوانها البراقة، يختبئ بين شعابه لينمو وينمو، حتى يحتل كامل كيانك، عقلًا وروحًا وقلبًا ينوء بحمله، يجر إليك العناء جرًا، تفقد معه الإدراك فلا تحكم سوى بهواه، فيحملك إلى أسوار الهلاك، ومن أجل لحظة شغف عابرة تضحي بالإنسانية جمعاء، فالأهم من كل الوجود أن تطفئ ناره الضارية، لحظة تشرق كشمس تبدد سحب الغياب..
نادرة هي الرجولة، ندرة الماسات السوداء، وقطرات الغيث في قحل الصحراء، تمر بحياتك كما الشهب في عنان السماء، تلمع فتخطف منك البصر والفؤاد، شجرة لا تنمو سوى في أرض طيبة، تمتد فروعها لتكون الحمى لكل عاجز بائس يبحث عن الأمان، ومن حولها من المخلوقات الدني الدنئ، يطمع بمثلها فلا يجد بجعبته سوى الوضاعة فيحملها سلاحًا، يتوارى من خلفها ليسدد ضربه يحسب فيها نصره، وما هي سوى علامة تسجل في تاريخ البشر منتهى الحقارة، فيكون شأنه فيها كالذباب..
خالدة هي الأسطورة، ترسم حياة بتفاصيل خيالية، كل ما فيها مباح، في كل حب وكل حرب، غيرة تنهش قلب عاشق، وشغف يعمي قلب آخر، شجاعة تورد صاحبها الهلاك، ضعف يتسلل بين أسوار الشوق ليردي صاحبه، يجر من ورائه رايات الدمار، ترفرف على أسوار العزة، وهذا العملاق الشامخ يقهره رمح وضيع، ليأتيك ما تخاله عارض يحمل المنحة يتوارى خلف حجاب، ليكشف في لحظة غدر عن وضاعة ما يحمل من مخالب وأنياب...