أمامَ مدينتي
طارَ الحَمامُ مضرّجاً بغبارِهِ
والريحُ تأتي بالخريفِ
وبالدّموعِ وبالدّماءِ مع الصّدى
والوقتُ ينزِفُ نفسَهُ من نفسِهِ
نسيَ الوظيفةَ ثمَّ أدبرَ عاريا نحو الغيابْ
والموتُ ضيفٌ مدَّ أرجلهُ على أضلاعها
نهمٌ إذا كنّا الضحية في العشاءْ
***
ومدينتي الصفراءُ شاحبةُ الصّباحٍ
طريحةٌ بِفِراشها
في غرفةِ الموتِ المؤجّلِ
بعد أن تأتي الرسالةُ:
"إن جالوتَ العظيمَ قد انتصرْ
لم يخرجِ الحجرُ الصغيرُ
ولم يكن داوودُ ذا بأسٍ
ليطرحَ ذلكَ الصّنديدَ أرضا"
***
لكنَّ موتكِ يا مدينةُ لم يحِنْ
"والملحُ لم يُنثر على الأجساد
فهناكَ مَن حملَ السماءَ وقاتلَ الرّومانْ
فقرطاجُ المدينةُ حاربت
بحجارة الجدرانِ والأشجارِ والصبيان
وقرطاج الحزينةُ قاومت رغم الحصارِ حصارها"
***
ومدينتي خلف الضبابِ أسيرةٌ
يجترها الجزّارُ من أعماقها
فلها الصراخُ مع الصّباحِ إلى المساءْ
ولها الأنينُ مع الصخورِ فلا مجيبْ
وقوافل الغرباءِ تسمعُ لحنها صمتاً وتنتهزُ الحكاية
كي تجرّبَ دمعها الحجريَّ
في سردِ الرّوايةِ
"نشرة الأخبار"