امسك بالورقة وقام بتوزيع المسحوق ليتعاطاه مثل كل يوم فلا جديد في حياته سوي خيالاته أن يصبح غني ومشهوراً يوماً ما ..
حلم لا يصله الا بمخدر يجعله إنسان آخر في عالم مختلف .
تذكر اول مرة تعاطي فيها عندما ركب سيارته وكان يبكي لفشله الدراسي فهذه ثاني مره يرسب في الثانوية العامة ولا يعرف كيف يواجه أمه الحزينة علي ضياع مستقبل فلذة عمرها .
اه يا أمي لو تعلمي انا اتمني الموت ..استيقظ من صمته علي صوت صديق طفولته وكأنه يرد علي محادثته لنفسه :الحياة لا تسوي يا صديقي تحب أخليك سوبر مان تري هذا العالم الممل من أعلي نقطة في الكون؟
رد بسرعة باسم : يا ليت يا محمد .. ولكن كيف يا صديقي ؟
تردد كثيراً محمد وأخذ ينظر حوله ثم دس ورقة صغيرة في يد صديقه قائلاً : دي الخلاصة يا صاحبي .
اول مرة كانت الأصعب وبعدها دخل باسم دوامة الإدمان ولم يخرج منها حتي الآن.
اين أنت يا أبي كم مرة أخبرتك أن اسلوبك في الحديث معي يصيبني بالغثيان ، محاولاتك أن تجعلني نسخة منك وأنا أراك غير جدير بالمثالية التي تحاول أن تلعبها معي جعلني أبتعد عنك ..بل أنفر منك.
نعم أنت السبب فكل طلباتي مجابة وكأني لعبتك المدللة أما أمي فهي في واد أخر تلعب دور سيدة الاعمال الواثقة من نفسها وكأنها تحاول أن تثبت لأبي انها مهمة في عملها وناجحة بدونه أيضاً.
هل أقنعتكم أني ضحية ؟!!
لا أنا لست ضحية أيها السادة أنا الجاني وأنا أعلم ذلك جيداً فحياتي أنا السبب في إنهيارها وضياعها للأبد ..
دراستي التي أهملتها عامداً متعمداً ، قصص الحب التي ابدع في تضييع عمري فيها وكانها مخدر من نوع جديد يجعلني أنتشي ، إهمالي لعملي مع أبي الذي تجاوز الخمسين والذي طالما سمعته يتحدث مع صديقه عم زهران : مش عارف الواد ده طالع لمين ؟!! انا في سنه ده كنت بشتغل مع أبويا وشايل الشركة علي كتافي ..
كم مرة حاولت ان احاسب نفسي علي ما فعلته بي فكان شيطاني يردد :أنت ضحية مجتمع ..أسرتك السبب ..ظروفك.. أنت مسكين لا حيلة لك في ما حدث لك..
الحقيقة أنا الجاني فأنا قاتل نفسي واحلامي ..
أنا الجاني ولكني أعيش في ثوب الضحية ...