ليست البصيرة زُهوا يُعلَن،
ولا فراسة تُلوَّح بها كوسام،
بل هي سكونٌ يعرف...
وصدقٌ يرى ما يعجز عنه البصر،
ورجفةُ قلبٍ تنبّه قبل أن يعلو الخطر.
البصير لا يُكثِر من الكلام،
لأنه مأهول باليقين،
تسكنه إشاراتٌ خفيّة،
يقرؤها من طاقة اللحظة، لا من ضجيج الظنون.
ينظر بعينٍ لا ترتبط بالحدقة،
ويُصغي لصوتٍ لا يأتي من الخارج،
بل ينبثق من هدوءٍ عميقٍ بداخله.
هو لا يُجادل كثيرًا،
لأن الحقيقة عنده ليست مسألة إقناع،
بل شعور لا يتزحزح...
كأن الكون كلّه يتواطأ ليخبره،
أن ما شعر به… لم يكن وهْمًا.
والبصير لا يتباهى ببصيرته،
بل يختبئ داخلها كمن يحتمي بنورٍ خافت،
يضيء له الطريق ولا يُبهِر غيره.
فإن رأيت من يعرف الناس من دون أن يسألهم،
ويفهم المواقف من قبل أن تُكتَب نهايتها،
ويقف على الحافة دون أن يقع...
فاعلم أن قلبه لا يسير وحده،
بل تُرافقه عينٌ من نور، لا تُخطئ.