أنا لا أُرتّب الرحيل… أنا أتسلّل من اللحظة كأنني خطأٌ جميل في توقيت العالم.
لا أودّع أحدًا،
ولا أترك رائحة عطري على الوسائد،
أنا لا أرحل كالغيم… بل كالجذر حين يقطع عهده على الأرض دون ضجيج.
لم أعد أبحث عن سماءٍ تعانقني،
فأنا لستُ طائرًا، ولا نجمةً تتدلّى من سلك الأمل،
أنا أرضٌ تعلمت أن تُنبت وحدها،
ولو صلّبها الجفاف.
أحيانًا، أبدو ساكنة كأطراف امرأة تنتظر ارتجافة،
لكن في داخلي
جبهة حرب،
رُفع فيها العلم الأبيض... لا إعلانًا للهزيمة،
بل احترامًا لصمتي الذي انتصر.
أنا لستُ بطلة حكاية،
ولا هامشًا حزينًا في فصل طويل،
أنا سطرٌ مكتوب بالحبر السري،
لا يُفكّ شيفرته سوى من تواطأ مع الغياب.
لم أعد أُجيد البكاء علنًا،
الدمع صار ترفًا،
والأنين لغة قديمة هجرتها منذ قرّرت أن أتعلّم الحديث مع الأشياء.
الحائط؟ صديقي.
الضوء المنكسر على أرض غرفتي؟ رسالة.
وصمتي؟ أغنية بلا لحن،
لكنها تُبكيني أكثر من كلّ الأوتار.
أنا لا أطلب من أحد أن يسمعني،
يكفيني أن يتوقّف العالم لحظةً…
ويُدرك أنني مررتُ من هنا،
بكامل خيبتي،
وبجمالٍ لا يحتاج تصفيقًا.