لم تولد حكيمة، بل تراكمت على كتفيها الأيام حتى أصبحت حكمةً متجسدة، ألقتها الحياة في مجراها حيث النور والظلمة يتشابكان، وحيث لا تُمنح الحقيقة إلا لأولئك الذين غمرهم التيه. لم تكن ملاكًا، ولم تكن شيطانًا، بل كانت من أولئك الذين يسقطون ليتعلموا كيف ينهضون، ويعبرون الألم حتى يصيروا نهرًا لا حدود له، جارٍ في قلب الحياة بلا قيود.
لم تُرد أن تكون مجرد ظلٍّ في حكاية أحد، فصارت ضوءًا يضيء في ظلامه، وحين سألها أحدهم: "أما زلتِ تخشين العتمة؟" ابتسمت، وكأنما كانت تُمطر الكون حكمة، وقالت:
"كيف أخشى ما صرتُ أضيء؟"
وحين نظرت إلى انعكاسها على صفحة الماء، لم ترَ وجهها الأول، بل رأت السماء تتراقص في عينيها، والأرض تُنشد سرها تحت قدميها، كأنهما يقولان:
"ها قد عُدتِ... ولم تعودي كما كنتِ."