٢. القصة الثانية
حالة من الحزن خيمت على كل مكان بالمدينة. كان الخبر منشورا في الجريدة الصباحية وعلى جميع مواقع التواصل. رحل الثر ي الطيب. تاركا خلفه مئات العائلات و الجمعيات الخيرية و دور الأيتام والمستشفيات التي كان دائم العطاء لها. عطاء بالمال والجهد والمشاعر الصادقة من تلك النفس الطيبة المتواضعة البسيطة. تساءل المسؤولون في دار الأيتام كيف لهم أن يكملوا مصروفات الدراسة لعشرات الأيتام الذي كان مسؤولا عنهم؟ لو أنه ترك لهم بعض المال حتى لا ينقطعوا عن الدراسة. وفي مستشفى الأورام سيتوقف العمل بالقسم الجديد من بداية العام القادم، فلا مخصصات مالية لإتمام التشطيبات اللازمة. وهكذا كان حال كل مكان كانت له فيه مساهماته القيمة.
في نفس يوم الرحيل، وفي أحد الجمعيات الخيرية، قابل الأستاذ فخر الدين حافظ المحامي سكرتير الجمعية و طلب منه لقاء المدير. فسمح له فورا بالدخول . استقبله المدير بصوت يملؤه الحزن قائلا: " البقاء لله. للفقيد الرحمة ."
قام المحامي بإعطاء بعض الأوراق الرسمية المختومة له و هو يقول :" لن يتوقف الدعم المالي السنوي إن شاء الله . و هذه أوراق الوديعة ممهرة بإمضاء السيد محسن رحمه الله بتاريخ يسبق اليوم بشهرين." شكره المدير بشده وظل يدعو للراحل ويسأل الله له الرحمة. لكن الأستاذ فخر الدين كان في عجلة من أمره، فاستأذن في المغادرة ، فلديه عدة مشاوير في دور أيتام ومستشفيات و لدى بعض العائلات لابد أن يتممها كلها اليوم تنفيذا لوصية المرحوم .