اتصلت بالمعاون وقلت له: "فرغت التسجيلات و الكاميرا."
قال لي: "أيوه، وفرغت تسجيلات اتصالاتها خلال الشهر اللي فات والكاميرا نزلت اليوم كله على فلاشه ."
قلت له باهتمام: "تمام، تعالى حالًا أشوفهم."
وفعلاً جالي واداني ورق اللي مكتوب فيه مكالمتها بتاعت التليفون، خدته وقريته كله، ولاحظت فعلاً إن أغلب اتصالاتها مع هدى والدكتور النفسي، بتحدد معاه ميعاد، وهو رجع اتصل علشان يسأل هي ليه مش بتيجي في الميعاد.
بصيت له وقلت له: "واضح إن فعلاً ملهاش حد بتكلمه هنا غير هدى والدكتور النفسي."
شاور لي على مكالمة في الورقة الأخيرة وقال لي: "دي مكالمة من مصر من الفنان أمين صبري، واضح زي ما انت شايف إنه بيتحايل عليها ترجع مصر، وهي وعدته إنها هترجع على الصيف."
قلت له باستغراب: "ده الصيف خلاص، فاضل له شهرين."
قال لي: "فعلاً، إزاي أكدت عليه إنها هترجع، وتيجي دلوقتي تنتحر؟"
قلت له وأنا ببص في الورق: "حاجة من الاتنين: يا إما كانت بتقوله كده وخلاص، أو فعلاً كانت ناوية ترجع، بس حد سبق وقتلها."
قال لي: "إحنا لقينا ورق كمان من ضمن الأوراق اللي كانت في درج المكتب عندها، كانت حجزه في جيم وهتبتدي من الأسبوع الجاي."
اديته سيجارة وقلت له: "يعني واحدة عندها نية ترجع مصر كمان شهرين، ومشتركة في جيم، إيه اللي يخليها تنتحر بس؟"
لقيت الباب بيخبط والعسكري دخل وقال لي: "فيه واحد بره بيقول إنه دكتور نفسي الفنانة اللي انتحرت."
قلت له وأنا بشيل الورق في الدرج: "دخله بسرعة."
دخل رجل في أواخر الأربعين، أقرع وليه دقن بيضاء، وقال لي وهو في حالة زهول: "هو صحيح الخبر ده يا أفندم؟ الفنانة زينب حسني انتحرت ولا دي إشاعة؟ أنا مش قادر أصدق من ساعة ما سمعت الخبر."
المعاون قال له: "اهدأ بس، واتفضل اقعد، هو فعلاً خبر حقيقي، وإحنا كلمناك علشان عايزينك تساعدنا علشان نعرف هي فعلاً انتحرت ولا حد قتلها."
بص له بحزن وقال: "مين بس هيقتلها؟ دي محدش يعرفها هنا وكمان محبوبة في مصر."
قلت له: "ياريت بس تعرفنا على نفسك الأول وتقولنا من إمتى وأنت بتعالجها؟"
قال لي وهو بيقلع النظارة: "أنا الدكتور علي جمال، عندي ٤٧ سنة، والفنانة جت لي من حوالي ٨ سنين، كانت حالتها النفسية وحشة أوي، وعندها حالة أرق رهيب، وكمان كانت رافضة شكلها اللي وصلت ليه وإنكار لذاتها، وده كان مخليها بتتعصب من أقل حاجة ومش بتتحكم في تصرفاتها."
المعاون بص له وقال: "يعني تفتكر ممكن تكون فعلاً انتحرت؟"
قال له: "طول ما كانت بتاخد العلاج كانت كويسة واتحسنت بنسبة ٨٠%، ودي نسبة كبيرة لمرضى الاكتئاب، بس أنا حذرتها كتير إن ماينفعش تقطع العلاج مرة واحدة علشان ما تتعرضش لانتكاسة ونرجع لنقطة الصفر، واارد جدا لأي مريض اكتئاب لو وقف العلاج فجأءه يوصل للانتحار."
قلت له: "ودي أول مرة توقف العلاج؟"
هز رأسه وقال: "لا، وقفته قبل كده من سنتين وحالتها ساءت جدًا، بس صحبتها قدرت تسيطر عليها وقتها، وخليتها ترجع تاني تكمل جلسات العلاج."
قلت له باستغراب: "كل اللي هي فيه ده بسبب وزنها اللي زاد بس، مفيش أي حاجة تانية حكتهالك؟"
قال لي وهو موطي: "دي خصوصية يا أفندم، وشرف المهنة مقدرش أتكلم حتى لو المريض اتوفى."
المعاون بص له وقال: "إحنا متفهمين إن أسرار المرضى مينفعش تقولها، بس لازم تعرف كويس إن ممكن جدًا القضية دي تكون قتل مش انتحار، وأي معلومة تعرفها عنها ممكن جدًا توصلنا للقاتل وياخد جزاءه."
قلت له لما حسيت إنه متردد: "بص يا أستاذ علي، إحنا مش عايزين أي معلومات وخلاص، إحنا بس عايزين الكلام اللي قالته اللي أنت تحس إنه ممكن يفيدنا."