هذا الكتاب من أروع ماكتب في بلاغيات وجماليات الأدعية النبوية الصحيحة المأثورة عن النبي الخاتم والإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم ،الذي أدبه فأحسن تأديبه ..
مع هذا الكتاب يتجلى بوضوح كيف كان نبينا عليه أفضل التحية والتسليم محبا لربه إلى درجة ملكت عليه شغاف قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وكيف كان دعاؤه الشريف ترانيم سماوية علوية ، من قلب أطلعه ربه على ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين ، فهو دعاء المعاين المشاهد لتجلياته تعالى في كونه ورحمته التي ملأت أرجاءه ونواحيه بما فيه ومن فيه .
ولاأدري لماذا نحرص في دعائنا عل أن نذهب فنوظف على أنفسنا أورادا وأذكارا من هنا وهناك ، ولدينا هذا المعين الصافي من الترانيم السماوية العذبة ، من جوامع كلمه الشريف صلى الله عليه وسلم .
وهل سمعتم أن أحدا غيره صلى الله عليه وسلم ، استقبل يومه بمثل هذه الترانيم السماوية العلوية ؟
"اللهم إني أصبحت في نعمة منك وعافية وستر فأتمم نعمتك علي وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة ، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لاشريك لك فلك الحمد ولك الشكر . ياربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.-
وهذا الدعاء الأخير " ياربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك " أخبر صلى الله عليه وسلم أنه كلماته عضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها ، فأمرهما الرب جل وعلا أن يكتباها كما نطق بها الداعي ليتولى وحده إثابته عليها .
ثم يجدد صلى الله عليه وسلم كل يوم إثر يقظته صباحا حالة الرضا التي لاتفارقه في علاقته بربه ،وماحمله من أعباء الرسالة وأمانتها فيقول :
"رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا... "
وحين يدخل المساء يرفع صلى الله عليه وسلم يديه الشريفتين إلى السماء متوجها إلى ربه فيقول :
"اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك اللهم اغفر لي.."
و من أجمل ماقرأت من دعائه صلى الله عليه وسلم حين يقوم من الليل ، هذا الدعاء الإنساني المتحنن المتحبب الودود :
" اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أنك أنت وحدك الرب لاشريك لك ، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك ، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة...
الله الله الله .. طرب وجمال وعذوبة ورحمة عامة شاملة ، وما هذه الإنسانية التي تسع الخلق جميعا ( أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة ) .
حقيقة الكتاب كله سياحة روحية ملكوتية ، لن يمل صاحب القلب الصافي النوراني من تكرار مطالعته ومعاودته حتى يحفظه عن ظهر قلب ، وبعد حفظه لن يمل معاودته ليعيش حالة كاتبه الوجدانية الروحانية وهو يعرض لكل دعاء ..
ومن فرط حالة الشجن والعذوبة والراحة والقرب يستشعر قاريء هذا الكتاب مع كل دعاء يردده ، وكأنه يسمعه من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم ، ويشهد ويعاين تخشعه وتبتله وطربه وتذلله بين يدي ربه الكريم بمحبة وخشية في آن واحد معا .
وكلما مضى القاريء أكثر وأكثر في مطالعة صفحات هذا الكتاب ، ومع تكرار كل دعاء : تتجدد الأنوار والفيوضات والرحمات حتى تنجلي عن القلب ظلماته الناشئة عن حجب الران والغفلة ، لأنه ببساطة بقلم رجل يكتب بمداد من نور .
والكلمة النبوية حين تكتب بمداد من نور ، تصبح نورا على نور .
نصيحتى لاتفارقوا هذا الكتاب ولاينبغى أن يفارقكم .