السلام عليكم د . زينب
لو سمحتي عندي سؤال هل يجوز للحائض دخول المسجد لحضور درس علم أو حلقه قرآن وهل يجوز لها تلاوة القرآن فترة الحيض .. ولك جزيل الشكر
ومن هم الصوفيه لأن معلمات القرآن دائما يحذروننا منهم.
الجواب
بالنسبة للسؤال الأول :
أقول : لايجوز للمرأة الحائض دخول المسجد لحضور درس علم أو حلقة تحفيظ قرآن ، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك نهيا صريحا في قوله " إني لاأحل المسجد لحائض ولاجنب "
ويجوز لها قراءة القرآن على أن لا تمس المصحف .
وأجاز ابن حزم للمرأة الحائض كل ذلك ،ولكن رأيه هذا على خلاف ماعليه جمهور الفقهاء ماعدا المالكية ، فيما يتصل بجواز قراءة القرآن للحائض ولكن دون مس المصحف ، وقد كنت أفتى برأي ابن حزم في فترة سابقة للضرورة .
أما الآن فيمكن للمرأة الحائض متابعة درس العلم منزليا بطريق البث المباشر من إحدى الحاضرات في الحلقة ، أو تسجيل الحلقة اكترونيا أو نحو ذلك. ويمكن قراءة القرآن لمن تعلم غيرها أو تتعلم هي ، من خلال التطبيق الخاص بذلك في الموبايل ، ومن ثم لاضرورة الآن في رأيي تقتضي مخالفة منطوق الحديث بالنسبة لمكث الحائض في المسجد ، وكذلك الحال بالنسبة لمسها المصحف .
أما عن السؤال الثاني فأقول : الصوفية الحقة قوم يهتمون بتعليم الناس كيف يترقون في مقام القرب من الله تعالى إلى درجة التحقق بمقام الإحسان حالا وسلوكا.
وقال المحققون منهم : التصوف خلق فمن زاد عليك في التصوف زاد عليك في الخلق .
وطريقهم هو تخلية النفس من جميع آفاتها وعللها - كالكبر والنفاق والكذب وسوء الظن بالله وعدم التورع عن الإساءة إلى الخلق ونحو ذلك - ثم العمل على تحليتها بمكارم الأخلاق حتى يصير ذلك لها سجية وطبعا .
وهم دائما يلتزمون بمقام المجاهدة في ثلاث دوائر أساسية : مجاهدة النفس ومجاهدة الشيطان ومجاهدة الهوى "
ويلزمون أنفسهم على مدار اليوم بأوراد وأذكار واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، تعينهم على لزوم درجة المراقبة والإحسان.
ثم إنهم قوم زهاد بالمعنى الإيجابي للزهد ، بمعنى أنهم قد يملكون الدنيا ولكنها أبدا لاتتملكهم ، لأنها يجب في قناعتهم أن تكون في أيديهم لافي قلوبهم .
وهم قبل ذلك يعبدون الله على بصيرة ، فيبدءون طريقهم بالتفقه في الدين حتى يبلغوا الغاية ، ثم يكون التحقق بسلوك طريق التصوف ، ومن أقوالهم في هذا " نهاية الفقه بداية التصوف "
ولايحيدون في عبادتهم وسلوكهم وتفقههم عن الكتاب والسنة قيد أنملة ، ومن أقوال أئمتهم كالجنيد رحمه الله "طريقنا هذا مقيد بالتزام الكتاب والسنة "
هذا باختصار طريق الصوفية الحقة ، وقد وجد منهم على مر العصور أئمة لايبارون في هذا ، وشهد لهم الجميع بالقديسية حتى ابن تيمية رحمه الله نفسه ، حيث قال في حق أهل التحقق منهم " أشهد لهم بالصديقية العظمى " وكان إذا ذكر الجنيد رحمه الله قال " الجنيد قدس الله سره"
ولكن وللأسف الشديد أصاب هؤلاء القوم المتنسكون ماأصاب غيرهم من انتساب كثير من الجهال إليهم ، فأتى هؤلاء الجهال بأفعال وسلوكيات منكرة مرفوضة ، وبالتالي يصبح من غير المعقول الحكم على كل الصوفية من خلال تركيز النظر على أفعال هؤلاء المنتسبين إليهم من الجهال والمرتزقة زورا وبهتانا .
وعليه فمحفظات القرآن اللواتي يتخذن منهج المقاومة والتحذير من كل الصوفية بشكل عام ، هؤلاء للأسف يسلكن مسلكا غير موضوعي ، وطريقتهن هذه تزيد من فرقة هذه الأمة وتمزيقها إلى فرق وطوائف متباغضة متنافرة ، وقد قال الله تعالى " إن الذي فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء "
ثم إن القرآن الكريم ضد منهج التعميم وأخذ الكل بجريرة البعض ، حتى مع المخالفين لنا في العقيدة والديانة ، حيث علمنا القرآن الكريم منهج " ليسوا سواء "
فقال تعالى في حق الكتابيين " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون …" إلى آخر الآية رقم١١٣ من سورة آل عمران .
هذا والله تعالى أعلم .