من الاسئلة التي وصلتني في العقيدة:
السؤال :
هل لو اكتفيت في عقيدتي بالإيمان بالقطعيات التي لاخلاف عليها ، وهي كما ذكرت في المنشور السابق ، وكما جاء في حديث جبريل المشهور " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " دون الخوض في أية تفصيلات عقدية ، و دون أن أحاول أن أعرف شيئا عن تلك الفرق المتناحرة وخلافاتها ،هل أكون بذلك مؤمنا صحيح العقيدة ؟
الجواب:
نعم بكل تأكيد هكذا أنت مؤمن صحيح العقيدة ،وعليك أن تضيف إلى ذلك أن تؤمن بما جاء في كتاب الله على مراد الله فيما يتصل بصفاته تعالى ، التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، كالسمع والبصر والإرادة والرحمة والعفو والقدرة الخ ، وأنت موقن بقوله تعالى "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " فكل ماخطر ببالك فالله على خلاف ذلك .
ولايلزمك الخوض فيما خاضت فيه تلك الفرق البائدة من المعتزلة والجهمية والقدرية وغيرهم ، ولاهذه المعارك الكلامية بين هذه الفرق وغيرها والتي تشبه الحرب مع اللهو الخفي أو العدو الشبح ، على حد تعبير الشيخ محمد الغزالي رحمه الله .
فهذه الصراعات ماخلقت إيمانا حقيقيا، ولازادت في يقين أحد ،ولكنها فقط فرقت الأمة ومزقتها إربا ولاتزال .
وألفت نظرك إلى أن الإمام أبا حامد الغزالي رحمه الله بعد أن خاص ماخاض في الفلسفة وحواراتها قال " اللهم إيمانا كإيمان العجائز .
وكان شيخه الجويني رحمه الله يقول " ويل للجويني إذا لم يمت على دين العجائز "
يقصد بذلك الإيمان الفطري الراسخ في قلوب البسطاء ، دون خوض في سفسطات لاتخلق إيمانا ، فضلا عن أن يقر في قلب .
ومع هذا : فإن من المهم للمتخصصين في الدراسات العقدية والفلسفية دراسة هذه القضايا الكلامية ، بالتفصيلات التي خاضت فيها الفرق المتناحرة ، بهدف التعرف على المشكلات الكارثية التي نشأت عن هذه المعارك ، و الأجواء غير الموضوعية التي اكتنفت حواراتهم ومجادلاتهم وتبادلهم التهم ، والحكم بالمروق من الدين والتضليل ونحو ذلك ، وذلك في سبيل بناء منهج عقدي آخر يجمع ولايفرق ، ويبني اليقين والقناعات ، وليس السفسطة الفارغة
، بهدف الانتصار في هذه المعارك المفتعلة على الخصم وإفحامه وكفى ، كما جرى على ألسنة كثير من المتعاركين .
وقديما كره كثير من السلف الخوض في هذه المعارك الكلامية كلها ، بل والاشتغال بها ، فقد كره ذلك الأئمة الأربعة ، وحين سئل الشافعي رحمه الله عن رأيه فيهم ، قال " رأيي أن يضربوا بالجريد ، ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر ، ويقال : هذا جزاء من ترك كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم "