كم نحن متعبون ونحن ننفق من أوقاتنا وأعمارنا في الاشتغال بما ضمنه الله لنا من هم الرزق ، وهم المعاش ،وهم الأبناء ،…
هموم بعضها فوق بعض …
وفي الوقت نفسه نحن ذاهلون ومقصرون فيما كلفنا الله به من أمور العبادة وتزكية النفس وإعمار الكون …
نعم ، نحن مكلفون بالسعي والخوض في الأسباب حتى نهايتها ، ولكن مع التسليم والرضى بما قسم الله لنا من أمور الرزق والمعاش ، يقينا بأنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها ، أما أن يتحول أمر تحصيل الرزق إلى صراع وتكالب على الدنيا وذهول عن الخالق الوهاب ، فهذا من سوء الأدب معه سبحانه وتعالى ، فنحن جميعا في قبضته تعالى ، والسماوات مطويات بيمينه ، ونحن في دار ابتلاء لا في جنة الخلد ، وكل منا أعطاه الله ومنعه ، ليختبر رضاه في منعه وعطائه، والرزق قرين الرضا بما قسم الله ، وكلما رضي العبد أعطي ،ومع عدم الرضا يأتي السلب ويأتي المحق ويأتي الشقاء ويأتي القبض .
، وهذه حقائق ومشاهدات حياتية معلومة وتصدقها التجارب ،".
الرضا ثم الرضا ثم الرضا ، هو أساس السعادة في هذه الحياة ..
وهذا هو ما انتهى إليه نظر جل الفلاسفة والحكماء حتى الماديين واللادينيين منهم .. .
والآن أنقلكم إلى هذه الاستراحة الصوفبة العرفانية التي هي أشبه بالترانيم السماوية ، لصاحب الحكم العطائية " ابن عطاء الله السكندري "
يقول رضي الله عنه في إحدى مناجاته التي ضمنها كتابه " التنوير في إسقاط التدبير "
"….يا مهموماً بنفسه لو ألقيتها إلينا لاسترحت ويحك أعباءُ التدبير لا تحملها إلا الربوبية وليس يقوى عليها ضعيف البشرية ..
ويحك أنت محمول فلا تكُ حاملا ...... أردنا راحتَك ..... فلا تكُ لنفسك متعباً !!
أيها العبد : أمرتك بخدمتي .. وضمنتُ
لك بقِسمتي .... فأهملت ما أمرت وشكّكتَ فيما ضمنت …ولم أكتفِ بقسمتي لك بالضمان حتى أقسمت ..... ولم أكتف بالقسم ..... حتى مثَّلت فخاطبتُ عبادا يفهمون فقلت ... ((وفي السماءِ رزقُكم وما توعدون .. فوربِّ السماءِ والأرضِ إنه لحقٌّ مثل ما أَنَّكم تنطقون))
وقد رزقتُ من غفَل عني وعصاني ، فكيف لا أرزق مَن أطاعني ودعاني….‘‘.
الله الله الله على الجمال وعلى الراحة !!!!