أعظم مكاسب هذه الحرب الدائرة: شعورنا بالوحدة .
نعم ، هذه حقيقة ، فلا يكاد يوجد الآن مسلم رشيد ، إلا وهو يتمنى النصر لإيران …
لقد خفتت بداخلنا مشاعر الخوف من الفزاعة الشيعية أو فزاعة الروافض ، على حين استيقظت مشاعر طالما افتقدناها ، منشؤها وحدة الدين والمصير المشترك .
بدليل أنه لم تفلح جميع المحاولات الدءوبة منذ بداية الحرب وحتى الآن ، في تعبئة أية مشاعر عدائية تجاه إيران ، ولو بمحاولة اجترار أحداث مؤلمة من تاريخها المعاصر ، أو باجترار أحداث قديمة وسينوريوهات ملتهبة ، يؤكدون بها زعمهم أنها أضر على الإسلام من اليهود ؟
لقد انتهى أمد الإصغاء إلى مثل هذه المزاعم ، فالتعاطف مع إيران لم يعد لكونها إيران ، ولكن لكونها دولة مسلمة تقدمت في زمن الانبطاح ، لتشف صدور قوم مؤمنين ، فما حدث لأهلنا في غزة يفوق ماأحدثته غارات التتار والنازيين ، وكل رموز الشر في تاريخ الإنسانية .
مافعلته إيران بإسرائيل حتى الآن فاق كل التوقعات ، ويكفي أنها أفلحت في الوصول إلى عمق تل أبيب في سرعة خاطفة، لتحطم بذلك أكذوبة قدرة إسرائيل المستعصية على الاختراق ،وكونها رادعا إقليميا لايقهر ، وأنها قادرة بمفردها على نسف المنطقة في ثوان معدودات .
ويكفي كذلك صمود إيران وقدرتها على الرد الفوري حتى على أمريكا ، ليس ذلك فقط ، بل أثبتت أنها قوة جبارة ، وأنها رغم الحصار الذي فرض عليها لم تضيع وقتا ، واستعدت بالقدر الكافي ، بل ودرست جميع سينوريوهات أعدائها وافترضت أسوأها ، ثم أعدت في مواجهتها الخطط الكافية والتكنيكات المدروسة بعناية ، لتفوت على المتربصين بها محاولة القضاء على تفوقها الحربي ، ولتؤكد على حقها في امتلاك ماتشاء من أسلحة متقدمة ولو كانت نووية ، تدافع بها عن نفسها وتحفظ أمنها، مادامت غير محظورة على غيرها .
والآن ، فضحت إيران إسرائيل أمام العالم ؟ بعد أن كشفت عن حجمها الحقيقي ، وأنها مجرد ذراع لأمريكا في المنطقة، وأمريكا الآن نفسها في موقف مأزوم،فهي أمام خيارين كلاهما مر وغير مضمون النتائج .
لقد أعلنت أمريكا حين تدخلت بضرب إيران هزيمة إسرائيل المنكرة ، ولعله انتقام السماء من هذا الكيان البغيض ، فمنذ بداية الرد الإيراني لم تنقطع استغاثاته بأمريكا وأعوانها ، ولغة بكائياته المعروفة في اجترار شفقة العالم ارتفعت نبرتها في كل مخاطباته ، بينما تصر إيران على تصدير لغتها المتعالية للكيان وأعوانه ، وترفض الاستجداء والتباكي، رغم كونها هي المعتدى عليها .
إسرائيل بمفردها إذن كيان هش ، وأكذوبة كبرى ليس إلا.
وأيا كانت نتيجة هذه الحرب ، فستبقى شاهدة على أن إيران دولة ذات كبرياء واستعداد عسكري فائق ، فلقد ثأرت لكرامتها وكبريائها في التو واللحظة ، شأن الدول ذات الحضارات الكبرى الضاربة بعمق في التاريخ ، وهذا هو فارق مابينها وبين الدول الفقاقيع ، تلك التي طفت على السطح في غفلة من الزمن لسبب أو لآخر ، وظنت أن التكنولوجيا والثراء وحدهما يصنعان مجد الشعوب .
كما أثبتت إيران أن اليهود قوم لم يتعلموا من كل الضربات القاصمة التي تجرعوها عبر التاريخ .
فلم يختلفوا في شيء عن أجدادهم من بني قرظة وبني قينقاع وبني النضير .
وقت استشعارهم القوة يعربدون ويدمرون ويغدرون ويخونون ، وساعة ضعفهم يجبنون ويولولون ويستغيثون ، وصدق الله العظيم " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة "
والآن ، أدعوكم إلى تأمل مطلع سورة الحشر ، الذي تضمن عدة آيات تصف مشهد إجلاء يهود بني النضير من المدينة المنورة ، بعد ارتكابهم سلسلة من المؤامرات والخيانات ونقض العهود ، فجاء الأمر الإلهي بإجلائهم فوريا دون إمهال.
تأملوا هذا المشهد ، لتتيقنوا من حقيقة أن اليهود هم كما هم ، لم يختلفوا في شيء عن أجدادهم الغابرين.
وإليكم الآيات :
👇👇👇👇👇👇
بسم الله الرحمن الرحيم "سبح لله مافي السماوات ومافي الأرض وهو العزيز الحكيم . هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر . ماظننتم أن يخرجوا . وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب . يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا باأولي الأبصار . ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب " صدق الله العظيم .
تأملوا وقارنوا بين الأحفاد والأجداد …
لقد ظن الأجداد أنهم قوم محصنون ولايخترقون ، وكانوا في هذا واهمين وكذلك الأحفاد .
و خرب الأجداد بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، وهاهم الأحفاد على دربهم سائرون .
فالإحصاءات الصادرة عن الكيان قبل يومين تقول :
ينتظر أن تنفق إسرائيل على هذه الحرب حوالي ٥٧ مليار دولار، وهذا رقم مبدئي ربما يتضاعف أضعافا مضاعفة إذا طالت الحرب .
أما الخسائر اليومية فهي من قبيل الدمار الشامل ، ومنها :
-ضرب كبير لمحطات الطاقة مما ينذر بتوقف الحياة.
-انهيار تام لسوق الاستثمار والعقار تماما .
-كساد مخيف في الصناعة والتجارة .
-شلل تام في كافة أجهزة الدولة.
-حالة بطالة عامة فالإسرائيليون جميعا في الملاجيء .
إنه الخراب إذن ، بأيديهم صنعوه- وبرعونة وحماقة - قبل أيدي المؤمنين من الإيرانيين .
فاللهم انصرهم نصرا عزيزا مؤزرا يارب العالمين .
والآن:
لقد آلمت إيران إسرائيل وأمريكا أشد الألم وأوجعتهما ، وشفت صدورنا الجريحة ، وأعادت إلينا الثقة في أنفسنا وقدراتنا ، وهذه انتصارات كبرى بلا ريب …
وأتمنى أن تحافظ إيران على مكاسبها هذه ، وأن لاتمضي قدما في حرب مع أمريكا قد تردها إلى الوراء أعواما .
فالتحلي بالحكمة مطلوب ، والحفاظ على ماتحقق من مكاسب هو قمة الانتصار ، ولو بالجلوس على طاولة المفاوضات ، لأنه سيكون تفاوضا عن قوة وانتصار ، لا عن تركيع وإذلال .
وكلمة أخيرة:
أقول : أيها المنغلقون على أنفسهم، أتمنى أن تكونوا قد انتبهتم لحقيقة أن إيران قد تركتكم تتلهون بالبحث في بطون الكتب عما يكفرها ، وانطلقت هي تصنع مجدها العلمي و التكنولوجي والعسكري ، لتدفع عن نفسها وعنكم عدوانا أنتم مدرجون على قائمته، وهو منكم على بعد خطوات ، وربما خطوة واحدة .