إرتفع آذان الظهر في مسجد على أطراف جامعتي ينادي أن حي على الفلاح ..،،
استئذنت رفيقتي للذهاب إلى الصلاة فنظرت إلي كأنها تستوثق مما قلت
- انتي بتصلي ؟؟
- الحمد لله
- ازاي
- هو ايه اللي ازاي ؟
- بتصلي ازاي وانتي مش محجبة ؟!
- في الجامع في اسدالات وإيشاربات بلبسها واصــ ..
- لا قصدي ان الموضوع فيه حاجه غلط يا اما انتي بتتظاهري قدامنا بالصلاة يا اما انتي في حاجه مش مظبوطه في تفكيرك وبتكذبي على نفسك قدام ربنا
- بصي انا بصلي من زمان برغم اني مش محجبة كونك تصدقي أو لا انتِ حرة بس انا مش بمثل على حد
تركت الكافيتيريا مغضبة باتجاه المسجد ..،
الواقع أن هذا الأسلوب كنت أصادفه كثيراً في المتدينيين من أصدقائي وعائلتي وكان يزيدني عناد في موضوع الحجاب وأصمم ألا أرتديه فقط لأثبت لهم أن بإمكاني أن أكون متدينة وذات خلق ولكن غير محجبة فالأهم من المظهر هو الجوهر !
((أسلوب تفكير مختلط مشوش ومضطرب مميز لفتاة لم تنضج بعد لازالت تعاني نزق المراهقة.. يحركها العناد وليس العقل
هناك في خلاط عقلها حبات مقطعة من الموز وبعض السكر ومقدار من الحليب لكن لم يتم خلطهم بعد لاستخلاص مشروب لذيذ ومنطق واتجاه محدد ))
ذهبت إلى المسجد وتوضأت وسط نظرات فضولية من الفتيات بجواري .. تتأملني من خصلات شعري المصففة بعناية قد عقصت بعضها وأرسلت الأخريات حتى البنطلون ال (جينز ) مروراً بالبادي !!
النظرات قالت بوضوح : كيف ستصلي وأنت على ما أنت عليه ؟!!
فرددت بنظرات من نوعية : خليكم في حالكم ! الجوهر أهم من المظهر
إرتديت إسدالاً معلقاً على باب المسجد وأديت صلاة الظهر .. ثم التسابيح والأذكار .. ثم سنة الظهر
بعد الصلاة خلعت الإسدال كاشفة عن الزي الذي لا يليق بالمكان وهممت بالخروج من المسجد .. لولا أن لفت إنتباهي شيئ ما ..
إحدى الفتيات المحجبات تجلس في وسط حلقة تشرح بأسلوب سهل وبالعامية معنى مراقبة العبد لله في كل تصرفاته ودلائل حب الله للعباد
جذبني بشدة أسلوبها البسيط في الشرح وابتسامتها التي لم تفارق محياها .. فأطلت الإنصات عن بعد وقد راقني منطق الحديث
حانت منها إلتفاته إلي فانتبهت لانتباهي .. إتسعت ابتسامتها ورفعت صوتها ليصلني حيث أنا وراحت تنظر إلي تحديداً دوناً عن المحجبات والمنتقبات اللاتي أحطن بها
كانت رسالة ذات معنى .. :" أنتِ أهم منهم .. إن الله ساقك إلي لأهديك ولولا بذرة خير في قلبك ما اجتمعنا هنا وما لاقت كلماتي قبولا عندك .. أنت فرصة ثواب لن أضيعها "
بعد بضع دقائق لا أذكر عددها غادرت المسجد .. ولأول مرة أشعر بالفعل أنني عارية وأن كسوتي هناك حيث كانت الفتاة تتكلم
منعني هذا الإحساس من الإستمرار في محاضرات اليوم فاتخذت طريقي إلى البيت مباشرة ..،،
حسناً .. يمكننا القول أن هذه الفتاة - التي لا أعلم إسمها - برقة قلبها ومرونة دعوتها وإسلوبها العذب الدافئ كانت السبب الأساسي في قراري بارتداء الحجاب :)
بالطبع لم أصبح اليوم التالي أبحث عن إيشارب لأضعه فوق رأسي .. ولكنها نثرت البذرة وتكفلت بسقياها ورعاياتها ..،، إستمعت إلى دروس وأحاديث ..،، كتبت إلى الله في مناجاتي برسائلي إليه أن يهديني لما فيه الخير .. تحول البادي إلي بلوزة متسعة قليلا وطويلة .. تسربت معاني العفاف إلى قلبي وبدأت أشعر بالإرتياح والتسليم .. ارتديت الحجاب ثم خلعته ثم ارتديته ثم خلعته ثم ارتديته .. ولازلت أرتديه :)
لماذا تذكرت هذه الفتاة الآن ؟؟
إنه المفهوم المشوه المنحرف لصحيح الدين عندما يتداخل مع المصالح الشخصية والسياسية ..، والواقع أن الأمر بلغ حداً يفطر قلب كل مسلم على صورة دينه وما آل إليه حاله وحال الوطن على يد تجار الدين
هل الأساليب المتبعة في بعض قنوات الفتن هي الأسلوب الصحيح للدعوة إلى الله ..، تلك الدعوة التي هي ميراث الأنبياء والصالحين من خير بني البشر ؟
هل هذا الإنفعال والسباب والتكفيردعوة إلى الله فعلا ؟؟ وهل هذه الوجوه التي تلقب ب (المشايخ ) من المشيخة في شيئ؟؟
إن الإجابة - للعجب - في نفس منطقي الذي حاولت إثباته قديماً : الأهم من المظهر هو الجوهر
بسم الله الرحمن الرحيم
[النحل:125]
صدق الله العظيم