ببطء تدلف إلى تلك الكافيتيريا الصغيرة على شاطيء النيل ..
يستقبلها النادل بابتسامة زجاجية مشيراً إلى إحدى الطاولات الفارغة
- " لا ...أريد الطاولة الخلفية ...
بعيداً عن الأضواء
هناك مايجب أن يسكب عليها ..! "
البعض يمر بجوارها ينظر إليها في فضول مزعج ..،
جميلة .. بل ساحرة .. في قمة التأنق وتجلس وحيدة ؟؟!!
قد يقتحم أحدهم صمت خلوتها راغباً في مشاركتها تلك الطاولة
- "لا يا سيدي ...
المقعد محجوز ..!!"
محجوز على وعد بالعودة ..
تقاطرت الأيام واحتشدت في جدول الزمن لتصنع أسبوع ..شهر ..عام .. أعوام
أعوام مضت..
وهي بعد تنتظر..
طوق عهدهما حول بنصرها وفي كفها رائحة كفه يوم تعاهدا ..
إن بعض الأحاسيس تحررنا من ماديتنا لتطلق أرواحنا فتكشف ما تخفيه الدنيا إلا للمختارين
ودائماً موعدنا معها آخر الليل
آخر الليل حين تطوى الأحلام وتفر عائدة عبر الأثير...
تبقى أحلام المحبين عالقة ..،،
والبعض منهم يرى بالروح أحياناً
ثمة طيف يلوح لها كلما اغتمت .. كلما انهزمت .. كلما تألمت
يقول اتبعيني ..أو دعيني أتبعك ..!!
يقول لأجلك تحملت ..وسأتحمل !!
يقول : - أتذكرين ..؟؟
فتقول :- سبيل النسيان ليس سبيلي ..
- أتخافين ..؟؟
- خوف المحب ناراً مقدسة تضيء ولا تحرق
- ألازلت تحلمين ..؟؟
- ملئتم علي يقظتي فما عاد الحلم يعني منامي فقط..
- لا تبكيـــن ..!!
-إن البكاء وجد في عيناي مستراحه ومأواه
وخطت أخاديد الأسى معالمها التي لا تخفى على أولئك ذوي الروح الشفافة
فلا تنطلي عليهم إبتساماتي
ولا كم الأصباغ الذي أصبغ به روحي ثم أعود فأغسله بدموعي في فراشي ليلاً
***************
غريب هذا ..!!
لهب الشمعة على الطاولة يزداد توهجاً ...
أتراها إذ أدركت نهايتها تمسكت بالحياة أكثر ؟!!
أم أنها تتفانى لأجلها فتمنحنها آخر ضيائها قبل الظلام الدامس ؟؟!!
الدفء يتزايد
لا ليس دفء الشمعة بل دفء من نوع آخر ..
يطوق كفاها ..
ينفذ إلى ضلوعها
يتسرب إلى روحها
يبدو أنها لم تكن وحدها من تذكر - على البعد - الذكرى السنوية ..،،
يبدو أن هناك من تقاسم معها الشطر الآخر من الوفاء ..،،
يبدو أنها في آخر الليل ...ستعود لتبتسم
..