في شرفة منزلِها تسقي الزهور، وتتابع بشغفٍ جمالها ونبض الحياة فيها، تصحو من نومها باكراً لتسعد نفسها بنَسمةِ الهواء وهي تداعب زهورها الجميلة، وبريق الندى يلمع فيها مع سطوع الشمس، تهمس إليها وتتخذ مِن رِفْقَتِها أنيساً وجليساً لوَحْدَتِها.
تخشى ذبولها، تخشى أن تأتي رياحٌ عاتية تعصف بها، تخشى هطول الأمطار عليها، تخشى أن تتلوث أوراقها.
الزهور حديثة العهد،تخطو خطواتها الأولى في النمو والتفتح والازدهار، وكأنها طفلها المدلل الذي تحبه وَتدلـله، تتأمل فيها بديع صنع الله في تباين ألوانها، وسر عظمته في بث الروح فيها.
إذ بشاب يمر من أمام بيتها يبهره روعة المنظر، يلوح إليها بيده مبتسماً، ويُثني على هذا الإبداع في تنسيق الزهور، ترى الفرحةَ في عينيه، وتكتفي فقط بأنْ ترد له التحية، وتشاركه سعادته بنظرة عينٍ دون أن تتفوهَ بحرف واحد ودون أن تنهض من مكانها؛ فهي لا تسمع ولا تنطق ولا تستطيع الوقوف، فكل ما تملكه في حياتها لغتان:
لغةُ الإحساس ولغةُ العيون لترى الجمال.