مشكلات الحياة في كافة مناحيها كثيرةٌ ومتشعبة، والقدرة على مواجهتها والبحث عن حلولٍ لها من أصعب ما يكون، ولكن في النهاية نشعر بالمتعة واللذة في الانتهاء منها، أو على الأقل الحد منها، والتقليل من آثارها.
عندما نتعثر في بعض المواقف أو تزيد علينا الضغوط نُصاب بالضيق والاختتاق، وتتملكنا رغبةٌ جامحة في البعد والهروب والانعزال، ويصيبنا اليأس من الحياة بل وأحياناً نرغب في التخلص منها، ولكن مع قليلٍ من الإيمان بالله وبقدرته، وقليلٍ من الحكمة وتدبر الأمور، تسير العجلة للأمام ونتجاوز تلك الظروف، وتمر المرحلة تلو الأخرى بمددٍ من الله الذي يعلم كيف يُخرج عباده منها.
مع تلك التحديات والمواجهات في التغلب على الأزمات نشعر بنقص الأشياء، فنري أن احتياجاتنا ومتطلباتنا في الحياة ناقصة.
على الصعيد الآخر نرى البعض ممن اكتملت عندهم الأشياء، وتوفرت لديهم كل مقومات الحياة من مالٍ، ورغدٍ في العيش، ورفاهية، وشهرة، وسلطة، ونفوذ، وتقلد مناصب رفيعة، وصحة وعافية، وجمال خِلقة، واستقرار أسري، وأولاد، وتعليم وثقافة، وما إلى ذلك ..
أمثال هؤلاء لا يذوقون المر حتى يمر، ولا يعانون ولا يشكون من شظف الأوضاع، والظروف السيئة التي يمر بها غيرهم.
هكذا نتصور عنهم، ولكن حقيقة الأمر أن اكتمال الأشياء وبلوغ الأمنيات فكرة مخيفة إلى حدٍ بعيد، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤالٌ مُلِّحٌ: هل اكتمال الأشياء يُطمئن أم يُخيف؟!
فكرة اكتمال الأشياء أراها مرعبة بكل المقاييس، وما بين النقص والاكتمال خيط رفيع اسمه الخوف من الغد، وما ستخبئه لنا الدنيا في جعبتها من قدر لا يعلمه إلا الله؟
في النقص نعيش الحياة بكل تفاصيلها الجدية والواقعية برغم ما فيها من معاناة، وتأتينا حالة انتشاء نستطيع تسميتها مجازاً بنشوة التجاوز وتخطي العقبات.
سنظل في سعيٍ مستمر لنتم ما ينقصنا ونكمله، ولن يكتمل شيءٌ. ففي الاكتمال انعدامٌ للحياة، وانتهاءٌ دون تمنٍّ أو رجاء.