في العلاقات الإنسانية البدايات دائماً رائعة، وأبواب التعارف تُفتح على مصاريعها ليدلي كِلا طرفىّ العلاقة بحديث المواقف والذكريات وتجارب الحياة عن حب وطيب خاطر، وتُلتقط الصور التذكارية، ويجرى تبادل الزيارات والاتصالات للسؤال عن الأحوال، ثم بعد مرحلة طويلة من الأخذ والعطاء، سرعان ما تفقد العلاقة بريقها وأوجها ونقاءها الذي بدأت به.
وهنا يأتي السؤال: ما الذي حدث حيال ذلك؟
هل هو تسرب الملل؟ أم مشاغل الحياة !
أم أن القرب ومعرفتنا ببعض أظهر بعض الملاحظات والعيوب، مما كان مدعاة للتوقف وأخذ الحيطة والحذر !
أم أن التغيير هو طبيعة بشرية إجمالاً ! أم ماذا؟!
فسمة التغيير أراها قائمة، ومؤكد أن لكل مرحلة طبيعتها، واختلافها باختلاف الزمان والمكان، واختلاف الأشخاص أنفسهم وطباعهم المتغيرة.
من النادر أن نتفق وكثيراً ما نختلف، ولكن في مثل هذه الأمور من الوصول بالعلاقة إلى مرحلة البرود وعدم الاستمرارية يكون الاختلاف غالباً سيداً للموقف، برغم أن في الاختلاف رحمة وتعبيراً عن تعدد الرؤى ووجهات النظر، التي تضيف لنا وعلينا.
عندما نختلف تأتي الخصومة، ويتسلل الفتور، ونضرب بالتقدير والاحترام بيننا عرض الحائط، ويصل بنا الحال أحياناً للقطيعة، والبعد عن الناس بحججٍ واهية تتأرجح ما بين تأييد ومعارضة وغَيْرةِ أنفُس.
طبيعة النفس البشرية قُوامها الاحتكاك والمباشرة والمشاركة والتعاون والعطاء، فكلنا نحتاج إلى بعضنا البعض، ولكن في إطار من الود والتفاهم والوعي، دون خلل ومساس بوِعاء القدر بيننا، وفي النهاية تؤخذ العبرة والعظة، ونكتسب الحكمة
والذكاء في التعامل، وما الدين إلا معاملة .