النفس البشرية دليل حياتك، ووجودك، وإنسانيتك..
نفسك هي أنت.. هي ذاتك.. هي استقلاليتك.. بها تختلف عن غيرك، كما تختلف نفس غيرك عنك..
نفسك تتنوع ما بين أفكار وحسابات، ومشاعر وأحاسيس، وغرائز وشهوات.. نفسك هي سلوكياتك المختلفة بكل ما فيها من مزايا وعيوب.. نفسك هي ضميرك ورقابته ومراجعته الدائمة لك أحياناً
إذا نظرنا إلى مكونات النفس البشرية فسنجد أن لها ثلاثة أعمدة رئيسية وثيقة الصلة ببعضها البعض.. ارتباطها مُحكم ومتين..
أولها: الجسد
والذي يمثل المظهر الخارجي لتلك النفس بما يملكه من أعضاء تشريحية وحواسية.. هو الناطق الرسمي باسم هذه النفس وهو المعبر ظاهرياً عن نوازعها
ثانيها: العقل
بما فيه من تفكير ووعي وإدراك، ووزن للأمور ووضعها في نصابها الصحيح، والتمييز بين ما هو جيد أو سييء.. نافع أو ضار..
ثالثها: الروح
فهي النبض الذي تحيا به نفسك، ويبقي وجودك على قيد الحياة مرتبطاً بها.. النفس تتعدد لكن الروح واحدة متفردة مستثناة.
أنت من تعرف نفسك حق المعرفة.. تعلم خباياها..
قد يراك الآخرون أنك مختلف وشخصيتك استثنائية، وكل من حولك يضعونك في قالب من الاتزان والاستقامة
قد يرون فيك هدوءاً وكرماً وخلقاً رفيعاً، ومقومات أخرى كثيرة تميزك عنهم.. لكن حقيقة الأمر أنك كاشف لأمر نفسك وعيوبها..
إذا وضعتها تحت مجهرك النفسي في لحظة صدق لأظهرت تفاصيل دقيقة، وعميقة لا يدري بها من حولك.. أنت فقط من تعلم بدقتها وحقيقتها؛ فداخلك صخباً، وحرصاً زائداً، وخُلُقاً تتصنعه أحياناً حتى تُقبل في صفوف الناس واحداً منهم..
يصفوك بأن ابتسامتك لا تفارق وجهك وهي زائفة.
في بعض الأحيان ترسمها على شفاهك من باب المجاملة لأناس أنت لا تطيق رؤيتهم، وأحياناً تظهر حبك لأحدهم، وأنت تتمنى سقوطه من موقعه..
أو زوجة يبدو من تعاملك لها أنك تقدرها، وتحمل لها داخلك مشاعر خاصة في حين أن الزمن لو رجع بك للوراء لما تمنيت أن ترتبط بها، ولكن تُبقي عليها؛ فهناك رابطاً مشتركاً يربط بينكما.. رابط قوي يجبرك على المواصلة، والمسايرة، والتغاضي عن كل ما يضايقك منها هذا الرابط هو أولادك.. ثمرتك منها، وامتدادك في الدنيا
أو صاحب عمل تعمل معه بكل صدق وإخلاص، وأنت تتمنى في نفسك أن تحل محله أو على الأقل تتقلص أدواره..
النفس لها ما لها، وعليها ما عليها
فيها الحب والكره، الخير والشر، الحقد والوجد
ظاهرها براق وما خلف كواليسها لا نراه بل يراه صاحبها بوضوح.
هي مطمئنة، وأمارة بالسوء، ولوامة.. تجتمع فيها كل نوازع بني البشر..
ليس بالضرورة أن يكون الجوهر كالمظهر
كثيرا ما تكون المظاهر خادعة
يقول تعالى: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" .
سورة الشمس.