نزل من سيارته الفارهة أنيق الملبس .. دقيق الملمح .. لامع الشعر والحذاء .. واثق الخطوة يمشي زهواً .. أقبل على جمعنا الشعبي البسيط، وألقى السلام علينا ثم قام بمصافحتنا جميعا .. فاح عطره النافذ أرجاء المكان .. له من الهيبة شأن كبير .. إطلالته تسر العين .. نظراتنا تفحصته، وألسنتنا تناوبت الحديث عنه همسا وصمتا .. كلٌّ منا يترقب حضوره وماذا سيقول بعد كل هذه الهالة الكبيرة؟ خصوصاً وأن المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر .. الرؤية تقول كما هو معروف بثقافتنا الشعبية أنه ( ابن ناس والعز واضح عليه ).
إذن المال أعطى له قدراً بين الناس، ودخوله علينا بإلقاء التحية والمصافحة أضاف له تواضع الكبار، ومزيداً من التقدير لشخصه المميز .. قدم له أحد الموجودين مشروباً لضيافته بيننا خاصةً وأننا أول مرة نلتقي به لكننا سمعنا عنه كثيراً؛ بأنه الرجل المعطاء الذي يفعل الخير دائماً ولا يتردد .. اعتدل الرجل بجلسته مهيئاً نفسه للكلام وفجأة وقبل أن يتكلم رن هاتفه المحمول باهظ الثمن فسمعنا نغمة رنينه وهى أغنية " Number One " لحديث الفن الشهير محمد رمضان ثم رد على الطرف الآخر قائلاً له بحدة وصوت عالٍ: لماذا لم توضع صورتي بجانب تبرعي لكم؟ فلولا تبرعي ما كنتم ولأصبحت مؤسستكم لا شيء يُذكر.
أنهى مكالمته بغضب وطرق الطاولة أمامه بكف يده بعنجهية زائدة .. أصبحنا لا نراه وكأنه لم يكن موجوداً في الأصل فليذهب هو وماله وهندامه للجحيم.
وضحت الصورة وتراءى المشهد للجميع وتبين الفارق بين ثراء المال، وفقر العقل.
عجباً لما آل عليه الحال.