أشتهى وصفها، ولكن كيف لي أن أصفها وعيناها عيون؟
كيف لي أن أوقف فيض خاطرها وقلبها ينبض بالشجون؟ أغصان الهوى عندها تتمدد، تعانق عطراً يفوح من صوتها الحنون، والحلم الرابض في ثناياها يداعبها وجداً ولقاءً وسكوناً، ساعات من الحديث ولا تكتفي، وهواجس عقلها لا تنتهي، إما جنون وإما ظنون! وأنا ما بين نونيها مكبل الأيدي حبيسٌ ومرهون.
إنها مصدر الإلهام ومَلَكة الوحي، التي تهبط علينا فتُترجم مشاعرنا وأحاسيسنا لكلماتٍ في سطورٍ زاهية تتلألأ، وكأنها نجومٌ في سماءِ الكون؛ فالشاعر حينما يكتب الشعر يتخذها عنواناً لشعره، وكياناً لِبَوْحِه فهى نبضه الذي ينبض، ولحنه الذي يعزف، وروحه التي تُحَلِّقْ في آفاقٍ رَحبة بلا مُنتهى.
هي الكلمة والموسيقى والأداء، فصوتها يصلنا أثره، ونغمها يَسْرِي بداخلنا، وبريقها يَسُّر الناظرين، وألوانها تزهو في الوجودِ كله.
فهي نورٌ ونار، وهي النعمة والنقمة، وهي السعادة والشقاء، وهي الخير والشر معاً.
هي القنبلة الموقوته التي ستنفجر حتماً في وجوهنا عندما نتجاهلها ونغض الطرف عنها.
هي المرأة التي خلقت من أقرب مكان لقلب الرجل، وهو الضلع، ليحبها ويحنو عليها ويحتويها، وإذا كان قلبها محيط فعقل الرجل قد أحاط بها واستوعب أعماقها.
لا يمكن الإستغناء عنها بأي حالٍ من الأحوال شئنا أم أبينا! رغم كل متناقضات الحياة فيها وصعوبة أن يثبت فيها رأي، فهى كالماء الذي نشربه، والهواء الذي نتنفسه، ولكن أمواج بحرها عاتيه تُغرق وتُهلك وتُميت.
اللهم ارحمنا من (سِحر بهائها) و (كيدها ودهائها).