لقاءٌ مهم وموعدٌ محدد يتوقفُ عليهِما مصيرُ ذلكَ الشابِّ النازح من الريف، والآمل لمستقبل زاهر ينتظِرُه في العاصمة، حيث فرصتُه السانحة ورغبتُه الجامحة في ترك قريته المحدودة في كلِّ شيء.
شدَّ الرحال -ذلك الشابُّ ذو العزمِ الفتيِّ والأصلِ النقيِّ- وتهيأَ واستعد للسفر، فاستقلَّ القطار وجلسَ في مكانه ينظر من نافذته، عيناه تتأملان الوجود من حوله وعقله يفكر في القادم ويتساءل في نفسه كيف سيكون اللقاء؟
هو في مقتبل العُمُرِ، وحيدُ أسرته والعائل لأمه وأخواته بعد ممات أبيه، أخذه تفكيره وشوقه بعد لقاء العاصمة المنتظر إلى تمنيه أن يرسم الابتسامة على شَفَتَي أمِّه وشقيقاته، وكيف سيكون سبباً في سعادتهن وتوفيرِ الحياةِ الكريمة لَهُنَّ؟
أخذته أحلامُه -وهو بكامل طاقتِه وإقباله على الحياة- إلى دنيا أكثر جمالاً وأوسع رحابة، كان قريبُه ينتظرُه لاستقباله، واستقبال همته في مطعمه الجديد، الذي سيعمل فيه معه ذلك الشاب البسيط الآتي من الريف، وبه سيحقق كل أمانيه.
وعند محطة الوصول في العاصمةِ الكبيرة، ووسطِ الزحام يصل الشاب فَرِحاً بعالمِه الجديد المنتظر، ليجد النيران فجأةً تباغته لتلتهمه، ويصرخ متألماً بأعلى صوته.
لحظات وينتهي صوته للأبد، لقد تفحم الحلم وأصبح رماداً وانتهى كل شيء.
كان الموتُ في انتظاره!
الموتُ هو من استقبله وعانقه بحرارة!
يا له من لقاءٍ مهم وموعدٍ محدد لا يقبل التأجيل!