بعد أن ينتهي الحُجّاج من الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة الكبرى، والذبح والطواف...
يأتي وقتٌ تتنفس فيه الأرواح راحة الطاعة، ويبدأ عيد القلوب…
إنه وقت أيام التشريق، تلك الأيام المباركة التي تمتد من اليوم الحادي عشر حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
لكن لماذا سُمّيت "تشريقًا"؟
الاسم أتى من تشريق اللحم، حيث كان الناس يُشرّقونه في الشمس، أي يُجففونه بعد الذبح ليحتفظوا به، لأنهم كانوا يذبحون في يوم العيد ويحتفظون به لأيام متتالية. لكن المعنى أوسع وأرقى… إنها أيام تتشرّق فيها القلوب بنور الذكر والفرح، وتشرق فيها النفس برضا الله بعد أداء المناسك.
في هذه الأيام:
يبيت الحُجّاج في منى ليلتين أو ثلاثًا، حسب قدرتهم.
يُرمى كل يوم ثلاث جمرات: الصغرى، الوسطى، ثم الكبرى.
تُتلى التكبيرات بعد كل صلاة:
> "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد."
أيام التشريق هي أيام أكل وشرب وذكر لله، كما وصفها النبي ﷺ، ليست أيام صيام، بل أيام فرح ممتزج بذكر، أيام اجتماع العائلة، توزيع اللحوم، إدخال السرور على الفقراء، وتثبيت النفس على الطاعة.
هي أيضًا أيام قرار... قرار بالبقاء في منى، أو التعجل والمغادرة في اليوم الثاني عشر. وفي كل خيار عبادة. المهم أن القلب يظل حاضرًا، وأن ما عاشه الحاج في عرفة ومنى لا ينتهي، بل يستمر معه بعد العودة.
في أيام التشريق، نتعلّم أن العبادة ليست فقط مشقة… بل هي فرحٌ خالص، متعةٌ للقلب، وطمأنينة للنفس.
هي أيام نُربّي فيها قلوبنا على الاستمرار في الطاعة حتى بعد انقضاء الموسم…
فما أجمل أن يبقى التكبير في قلبك، حتى بعد أن تسكت المآذن، ويبقى النور في روحك، حتى بعد أن تعود من منى.
فاجعل أيام التشريق بداية... لا نهاية.
وكل عام وقلبك عامرٌ بذكر الله. 💛
ودمتم بخير---