في زمنٍ تتسارع فيه التغيّرات، وتتشابك فيه الأدوار، يبقى السؤال حاضرًا بقوة: ما هو دور الزوج؟ وما هو دور الزوجة؟ وهل التقسيم العادل يعني أن نضع حدودًا جامدة؟ أم أن الزواج الناجح هو ذاك الذي تُوزَّع فيه الأدوار بروح من التفاهم والتكامل؟
منذ القدم، حمل المجتمع نظرة نمطية لدور الرجل والمرأة في الحياة الزوجية. فالزوج كان يُرى على أنه المعيل، والمُسيطر، وصاحب القرار، بينما اقتصر دور الزوجة على تربية الأبناء، وخدمة المنزل، وطاعة الزوج. لكن الواقع تغيّر، وأصبحت الحياة أكثر تعقيدًا، ما استدعى إعادة النظر في توزيع الأدوار، لا بإلغاء المسؤوليات، بل بإعادة التوازن.
الزوج اليوم لا يكتفي بأن يكون مزوّدًا بالماديات فقط. بل يُنتظر منه أن يكون حاضرًا نفسيًا وعاطفيًا في حياة أسرته. أن يُشارك في تربية الأبناء، ويُظهر الحنان والدعم، ويكون رفيقًا لزوجته في البيت كما هو خارجه. فالرجولة لا تُقاس فقط بالقدرة على الإنفاق، بل بالقدرة على الاحتواء.
أما الزوجة المعاصرة، فهي لم تعد فقط ربة منزل، بل في كثير من الأحيان، أصبحت شريكة في العمل، والدخل، وصناعة القرار. وهذا لا يُنقص من أنوثتها، ولا من مكانتها، بل يزيدها قوة واحترامًا، إن أُدير التوازن بحكمة.
المهم ألا تتحول العلاقة إلى ساحة صراع على "من يفعل أكثر"، بل إلى مساحة تعاون على "كيف نفعل معًا". فحين يُقدّر الزوج عمل زوجته، ويُشعرها بأن جهدها في البيت أو خارجه لا يضيع، تُحبّه أكثر. وحين تساند الزوجة زوجها في سعيه وتُخفف عنه الأعباء، يُخلص لها أكثر.
إن تقسيم الأدوار ليس قانونًا مكتوبًا في كتاب ، بل هو تفاهم مرن يتغير بحسب الظروف. قد يمر وقت تضطر فيه الزوجة لتحمل مسؤوليات إضافية بسبب مرض زوجها أو فقدان عمله. وقد يحتاج الزوج إلى أن يتحمل أكثر حين تمر زوجته بضغط نفسي أو صحي. وهذا هو المعنى الأعمق للشراكة: أن يكون كلٌ منهما ظلاً للآخر في وقت الشمس والظل.
وفى نهاية حديثي اعلموا انه حين يفهم كل طرف دوره، ويؤديه بمحبة، ويتعاون مع الآخر دون تعالٍ أو منّة، تصبح الحياة الزوجية رحلة متّزنة، فيها احترام، وتقدير، وتكامل. فليكن هدف كل زواج أن يكون سكنًا لا ساحة، وحوارًا لا نزاعًا، وتكاملاً لا تنازعًا.
ودمتم بخير---