بسم الله الرحمن الرحيم
القصة مستوحاة من أحداث حقيقية
=بصوا يا جماعة أنا حقيقي بعتبركم عيلتي الكبيرة، وبهتم بيكم وبمشاكلكم وبقصصكم، بس مش معقول كمية المكالمات اللي بتيجي عن خلافات زوجية وأسرية ومشاكل في الجمعية، أنا مش مصلح اجتماعي والبرنامج ده الغرض منه مش مناقشة الخلافات الإنسانية وصعوبات العيشة ورغيف العيش، أنتوا فاهمين غلط أو يمكن من كتر ما اتعودتوا عليا حسيتوا إنكم ممكن تحكولي أي حاجة، ودي حاجة تشرفني طبعًا، لكن كده البرنامج مش هيبقى إسمه "ممنوع الاتصال أو التصوير" هيبقى "نهى وشاهي وسمير"، أرجوكم التزموا بمواضيع البرنامج، ألا وهي أي حاجة مثيرة أو غريبة، حتى لو قصة اجتماعية إنما أكيد مش القصص اللي بتحكوهالي، مش كلكم طبعًا، اللي موجهلهم الكلام عارفين نفسهم، ونضم التنويه ده مع التنويه المعتاد "لو مش قد الحكاية ولا توابع اللي أنت بتحكيه يبقى ممنوع الاتصال أو التصوير"...
التليفون بيرن
=أتمنى المكالمة دي تبقى مش من إياهم ونقول آلو...
-أنا عندي قصة ولغز محتاجك تحله معايا...
=حيلك حيلك، مفيش إزيك يا "قاسم"، سلامات طيبون، أي حاجة.
-آسف، عشان عايز أخرج كل اللي جوايا وأنزل الحمل التقيل اللي عليا نسيت قواعد الذوق والاتيكيت. إزيك يا "قاسم"، أتمنى بجد تكون بخير.
=أنا بخير طول ما انتوا بخير... اتفضل يا سيدي أنا معاك ومليون مستمع كمان...
-أنا بشتغل محاسب في شركة إعلانات كبيرة. قبل ما أتعين هناك كنت بعاني، كل مكان كنت أروحه كانوا بيطحنوني فيه شغل والمقابل المادي كان بيبقى زهيد لدرجة إني فقدت الأمل والرغبة ف إني أكون أسرة والكلام ده، إذا كان مكنتش عارف أشيل نفسي هشيل غيري؟ وهبقى مسؤول عن عيال ومصاريفهم؟ ده غير مصاريف إجراءات الجواز في حد ذاتها. وسبحان الله أوقات كده الحل والرزق بيجيلك من غير أي تدخل منك وبترجع تدرك قد إيه كنت جاحد ومش راضي بالاختبار بتاع ربنا، ده غير إنك بتبقى يائس، وده لا يجوز لإن ربنا موجود. باختصار ده اللي حصل لي. لقيت واحد صاحبي بيكلمني عن شركة إعلانات كبيرة محتاجين محاسب وقال إنه اكتشف إن واحد من الموظفين المهمين هناك طلع من معارفه اللي بيقعد معاهم عالقهوة وإن السيرة جت ورشحني ليه علطول.
صحيت قبل معاد المقابلة بحبه حلوين، حضرت هدومي وراجعت شوية معلومات عن الشركة، لكن كل ده من غير شغف، من غير إيمان إني ممكن أعدي المقابلة واتقبل، مين أنا اللي دونًا عن كل المتقدمين للوظيفة عشان أتقبل، ودي مش أي شركة وأكيد شروط القبول عندهم صعبة...
المفاجأة بقى إني لقيتهم بيكلموني بعد المقابلة بيومين وبيبلغوني إني اتقبلت، تصور، مكانش في حتى مقابلة تانية!
=شكلك محاسب شاطر مش كده يا "..."، أنت اسمك إيه صحيح؟
-"ظافر"، وآه يعني مش بحب أقول كده عن نفسي، بس الناس بتقول لي كده، أنا عندي كده زي ملكة، أي ارقام تتقال قدامي بحفظها فورًا ومش بحتاج آلة حاسبة، أقدر أجمع وأخصم وأقسم أي أرقام في دماغي ف ثواني، النتيجة بتظهر قدامي واضحة، تقريبًا مبعملش مجهود ولا بفكر...
=طيب، عايز ايه بقى، ما هو طبيعي يقبلوك يا "ظافر" هيلاقوا زي كده فين، حالتك دي نادرة بصراحة..
-لا ما هي مش بتتحسب كده، أنت مش من هنا ولا إيه يا "قاسم"؟ لو كانت الموهبة اللي عندي دي تتقدر، كان زماني استقريت في مكان كويس قبل شركة الإعلانات بكتير، بيبقى في اعتبارات تانية، الوساطة والمعارف والوجه الحسن...
=اه صحيح اعذرني، خدتني الحماسة ونسيت الدنيا ماشية إزاي، هاه، كمل...
-بص، مكنتش مصدق نفسي، كنت حاسس بجد إني بحلم، الكلام ده كان من حوالي 6 سنين، ومن وقتها حياتي اتبدلت حرفيًا، على المستوى المادي والاجتماعي، وف وقت قليل وتقديرًا ليا ولمجهوداتي بقى في إدارة كاملة للحسابات وأنا بقيت مدير الإدارة وتحتي بيشتغل طاقم من المحاسبين.. كده الوظيفة تمام، الماديات تمام، إيه اللي ناقص بقى؟
=العروسة! طلي بالأبيض طلي وبالبدلة السودة والبابيون انزل يا جميل عالساحة واتزحلق للحياة الزوجبة والكلبشات بالراحة.
-الله ينور علييييك، واكتشفت اكتشاف حياتي كلها، وهو إن المشكلة الحقيقية مكنتش في الوظيفة اللي لسه مش لاقيها ولا المرتب اللي مبيكفيش يومين في الشهر ولا القلق من المستقبل، كل دي مشاكل وقتية وبتروح بزوال سببها، المشكلة بجد هو ف عازل مكنتش اعرف إنه موجود، عازل بيخليني مقدرش أكمل ف أي موضوع بدخله مهما كنت معجب بالبنت وكنت أتمنى التراب اللي بتمشي عليه، مع الأيام الشعلة بتخفت وفي الآخر بتتطفي، بيبقى في فتور، صورتها بتتهز قدامي ومببقاش منجذب ليها، وللأسف مش كل مرة المواضيع كانت بتنتهي واحنا لسه عالسطح، في مرات كنت وصلت للخطوبة وما بعد الخطوبة وقرب الفرح كمان...
=ليه يا "ظافر"؟ هو خلال 6 سنين أنت ارتبطت وخطبت كام مرة؟
-بلاش، خلينا نقول عدد مش قليل، بس دفاعًا عن موقفي، أنا بجد كنت بحاول، ولا أنا راجل لعبي ولا بتاع بنات صدقني، لكن للأسف مهما قلت وشرحت، اللي حواليا ويعرفوني مش هيقتنعوا بالكلام ده، وفي النهاية طلعت عليا سمعة منيلة، إني بلعب بمشاعر البنات وبتسلى بيهم، وبرغم إني شكلًا وستايلًا بقيت أحسن بكتير وبشوف ف عيون الستات دايمًا إعجاب بيا، لكن ف نفس الوقت الست الجد، اللي بتاعة جواز وبس بقت تتجنبني وبدأت أترفض عشان السمعة، حمل تقيل، ظلم وصورة مشوهة عني ملهاش علاقة بالواقع...
=طيب إيه هو الواقع؟ تقدر تشرحلي العازل ده عبارة عن إيه؟ أنا هنا مش بحكم عليك..
-عارف طبعًا وإلا مكونتش اتصلت بيك، بص أنا هجيلك في الكلام، بس عايز اقولك على حاجة، كل اللي قلته ده عبارة عن الجرس اللي بيضرب قبل المعارك ووصول الجيوش على حدود الأرض اللي اتضرب فيها الجرس، القصة حاجة تانية خالص...سواء كنت مذنب أو مكنش ليا ذنب، التوابع ظهرت، غير الستات اللي رفضوني لما اتقدمتلهم الضربة اللي بجد كانت لما وقعت في الحب... الست اللي مكنتش عايز أرتبط بيها عشان الاستقرار وتكوين اسرة، الست اللي اتمنيت أقضي باقي عمري معاها عشان حبيتها، بغض النظر بقى عن أي اعتبارات، عن طباعها وعيوبها، ده لو هنفترض إن ليها عيوب... أنا مش عايز ابالغ هي أكيد فيها عيوب، إنما مكنتش عيوب مزعجة، "غزل" كانت ومازالت نموذج للإنسان شبه المثالي، مش هقول ست، لأ ، عارف الإنسان ده اللي بنسمع عنه في الأساطير والقصص اللي كنا بنسمعها واحنا أطفال، الشهم، الجدع، المتعاطف، اللي بيحب الخير لغيره أكتر ما بيحبه لنفسه، اللي بيقول كلمة الحق ولو على رقبته، اللي بيقف ف صف الضعيف ودايمًا بيحرك الميه الراكدة، مش بيرضى بالمفروض والأمر الواقع، هي دي "غزل"، وغير كده تصدق لو قلتلك النور بيدخل في الأماكن اللي بتبقى فيها، تحس الأجواء بقت مشرقة، معرفش بقى دي طاقة ولا كرامات ولا إيه، حرفيًا "غزل" هي شمس كل الأماكن الضلمة...
=ياااه سلام، لأ، لو القصة دي مش هتنتهي بارتباطك بيها أنا شخصيًا هكتئب...
-قلتلك القصة لسه جايه يا "قاسم"...
=آسف، اتفضل كمل...
-هي كانت في إدارة تانية، إدارة "كتابة المحتوى". أول ما اتعينت مكناش بنشوف بعض كتير، لكن كل مرة بشوفها أو بتكلم معاها إعجابي بيها بيزيد وكنت...كنت متأكد إنها بتبادلني نفس الشعور، كنت بقفشها بتبصلي بطرف عنيها لما ببقى مش باصص في اتجاهها أو ماشي جنبها مثلًا، نظرتها كانت كلها حب، ومع ذلك...
بعكسي، كانت حريصة إنها متبينش مشاعرها، بترسم التقل، مش عشان حركات بنات وأعمل خطوة وأعترفلها والكلام ده...لأ، كانت بتقاوم، مش عايزه تغرز، مش عايزه تتعلق بيا ولا إننا نرتبط، واللي أكد إحساسي إني مكنتش لوحدي ومش بخرف إنها بقت تيجي الإدارة عندي، تتلكك بأي حاجة عشان تتكلم معايا، كانت ناقص تسألني 1+1 يساوو كام..
=أيوه بس أنت لسه قايل إنها كانت بتقاوم، منين ده ومنين كانت بتجيلك مخصوص وتتكلم معاك؟
-كانت عاملة زي اللي بيقعد على الشط، طول الوقت قاعد قدام البحر لكن رافض ينزل فيه، بيملي عينه بس منه لكن خايف من غدره..
=من غااادره. كده أنا فهمت، "غزل" أكيد وصلها الكلام اللي بيتقال عليك عشان كده كانت رافضة تدخل معاك ف علاقة لتكسر قلبها زي الستات اللي قبل كده.
-الله ينور عليك.. في نفس الأثناء دي في عادة كنت بطلتها رجعتلها تاني وهي إني بقيت أنام والنور مفتوح.
=ليه؟
-مكنتش أعرف ساعتها السبب، فجأة مبقتش أرتاح في الضلمة زي زمان، برضه وأنا طفل كان لازم أخلي النور مفتوح... معنديش أي ذكريات مخيفة ولا سبب مقنع يخليني أخاف من الضلمة، أهو كده، كنت برفص في الأرض وأزعق لو حد اتجرأ وقفل عليا النور، ولو قمت في نص الليل ولقيت الدنيا ضلمة وده غالبًا لإني قلقت وقدرت أميز إن النور اتطفي، كانت ليلة أبويا وأمي بتبقى بيضا، بروح أنام جنبهم وهاتك يا عياط لما يصحوا، اللي هو إنتوا إزاي غدارين كده، يعني الواحد ينام عين مفتوحة وعين مقفولة وإلا تعملوا فيه الحركات دي، تقفلوا النور، هو الخير إنقل في الدنيا ولا إيه؟ وأهو عدت سنين كتير وكبرت وبقيت شحط واتعينت في اجدعها شركة إعلانات ورجعت ريمة لعادتها القديمة...
أخيرًا جاتلي الشجاعة وطلبت من "غزل" نتغدا سوا بعد الشغل، حاولت تدي أعذار وتتهرب لكني أصريت، "غزل" مكنتش بتتجنبني عشان رافضاني، العكس تمامًا، كانت بتهرب مني عشان عايزاني ومن جواها بتحبني...
وخرجنا...
بعد ما خلصنا أكل بدأت أتكلم معاها بصراحة، قلتلها إني معجب بيها وعايز أتجوزها وإني متأكد من السبب اللي مخليها بتهرب مني، وإن كل الكلام اللي بيتقال عليا مش مظبوط، أنا مش بتاع ستات ومش شخص مستهتر ولا شرير وإن ببساطة محصلش نصيب في كل محاولات الارتباط السابقة...
=بس انت كده مكنتش صادق معاها...
-صح، عندك حق، الموضوع مكنش بالبساطة دي، أنا قلتلها نص الحقيقة وهو إني مش شخص شرير ومش بستمتع بأذية الستات بس مقلتلهاش على مسألة العازل واللي بيحصل لي بعد فترة من الارتباط والتغيير اللي مش مبرر اللي بيخليني أسيب واحدة وره التانية... لكن يا "قاسم" افهمني، أنا كنت متأكد إن الموضوع هيبقى مختلف المرة دي، لإن اصلًا من البداية مشاعري تجاه "غزل" مختلفة، أنا حبيتها وبعدين قررت أرتبط بيها مش العكس، في كل المرات السابقة كنت بدور على واحدة مناسبة وبعدين أعجب بيها ومع الوقت أحبها ، وهوب الأمور تبدأ تبوظ بسرعة، بس يا سيدي، عشان كده كان عندي قناعة إن الأمور مع "غزل" هتاخد منحى مختلف..
=وهي اقتنعت؟
-يومها متدنيش إجابة، لكن تاني يوم، ابتسمتلي في الشغل، عارفها الابتسامة إياها؟
=اه طبعًا، بعتلي نظرة بعتلوا، بعتلي همسة سمعتله..
-وبس، الصنارة غمزت، وكلمتني بعد الشغل، وف وقت قليل بقينا زي السمنة عالعسل، وروحت أقابل بابا في أقل من شهر وبعدها بإسبوعين اتخطبنا.. واللي توقعته لقيته، من أول يوم علاقتي بغزل كانت حاجة تانية تمامًا، غير أي علاقة دخلت فيها، كانت بتوحشني لو غابت عني شوية بس، ومهما اتكلمت معاها وشوفتها مش بزهق، كنت مستعد اقضي كل لحظة ف حياتي معاها، مستعد اتنازل عن أي مساحة شخصية ليا، عن اهتماماتي كلها عشانها...
ومن هنا بدأت الحكاية....
فات شهرين على خطوبتنا لما جه وجه جديد في الشركة، مدير جديد لإدارة كتابة المحتوى....
أول ما مر جنبي حسيت بكهربا غريبة بتمشي ف جسمي، كل حاجة فيه كانت استثنائية، كان عنده 45 سنة، لكن من الرجالة اللي بتحافظ على نفسها أوي، بشرة مشدودة وعضلات وضهر مستقيم، شعر إسود فاحم مفيهوش نقطة بيضة مش شعرة، شياكة غريبة، مش بس ف ذوق الهدوم، مفيش كسرة في القميص بتاعه، الكمام مظبوطة بالمللي.. سيبك من كل ده، نظرته فيها هيبة مش طبيعية، بيبص حواليه كإن المكان كله ملكه، المكان إيه، لأ ده العالم كله ملكه. في مننا بشكل تلقائي وبدون وعي وقف لحد ما عدى! حضوره ليه رهبة خلت اللي وقفوا حسوا إنهم لازم يعملوا كده احترامًا ليه، ومين ده، ده واحد جديد لسه حتى معرفناش على نفسه، صحيح هو مدير إدارة المحتوى بس مش مدير باقي الإدارات ومع ذلك، ومن أول لحظة أدركنا إنه هيبقى أهم واحد في الشركة...
وبدل ما أبقى خايف اللعنة إياها تصيبني و"غزل" تتلدع مني زي الباقيين بقيت أنا اللي حاسس بالتهديد من الراجل الغامض بسلامته سارق قلوب العذارى، ما هو مش سر يعني، كل ستات الشركة وقعوا تحت سحر "إيلاف"، مقدرش أعاتبهم، إذا كان ليه تأثير طاغي على الرجالة بشكل يخليهم يحترموه وف نفس الوقت يغيروا منه عشان لو عملوا إيه مش هيوصلوا لنقطة ف بحره يبقى الستات موقفها هيبقى إيه؟
=ليه بقى إن شاء الله؟ إحكيلي أكتر عنه..
-شوف يا "قاسم" اختار أي حاجة، أي مجال كإنك كده ف مكتبة ضخمة وفيها أرفف كتب بحسب تقسيماتها، ده غير نشاطات غير القراية، اختار براحتك...
=يعني، هو أنا مش فاهم أوي، بس ماشي هختار خرايط، عايز ابص على خرايط، مع إني مش بفهم فيها حاجة وبحتاج اللي يشرحلي.
-أهو اللي هيشرحلك هو "إيلاف"! لو فتحت صفحته على إنستجرام هتلاقيه متصور ف أكتر من ييجي 50 مكان ف حتت مختلفة من العالم وبعيدة عن بعض ولو سألته عن أي مكان منهم، وده اللي حصل فعلًا، هيجاوبك بطريقة متتوقعهاش، هيقولك تفاصيل عن الموقع غريبة، تفاصيل جغرافية يمكن أصحاب البلد نفسها ميعرفوهاش، زي الكهوف، المناجم اللي اتهدمت في عصر قديم أو اتغطت بشكل ما، الأنفاق، شكل البيوت من 50 سنة فيها وهكذا...
=واضح إنه راجل مثقف جدًا.
-مش بس ثقافة، دي حزمة كده على بعضها، راجل مثالي بشكل مريب، من لبسه لهيئته لنبرة صوته لردوده الحاضرة وأفكاره الإبداعية اللي مش بتخلص، زي النهر اللي مش بيجف وعلطول جاري، ده نقل الشركة حتة نقلة، هي صحيح قبل كده كانت تقيلة برضه لدرجة إن محدش كان هيتخيل إن في مستوى أكبر ممكن تتنقل ليه، بس هو ده اللي عمله، نقلها نقلة رهيبة... حقي بقى أخاف منه على "غزل" ولا لأ؟
=حقك ونص.
-اتغيرت، بقيت عصبي جدًا، بتلكك على أتفه الأسباب عشان أتخانق مع "غزل"، زي ما بيقولوا كده بتخانق مع دبان وشي. ولما واجهتني أخيرًا وطلبت شرح منطقي للتقلبات المزاجية بتاعتي أضطريت اعترفلها، قلتلها إني بغير من "إيلاف" لإن تأثيره مش عادي أبدًا وكل الستات حواليه هيموتوا عليه، خصوصًا إنه مش متجوز، يعني هي اللي هتقع من قعر القفه؟ رد فعلها كان غريب جدًا... جتلها هستيرية ضحك لدرجة إنها دمعت وقالت إنها مش مصدقة إني بفكر بالشكل ده وإنها بتعترف إنه جذاب جدًا لكنها اتحجزت خلاص، ده غير إنها متظنش إنها نوعه المفضل، مش هيسيب مصر كلها ويختارها هي.. هي إجابة مستفزة بس مريحة ومقنعة ف نفس الوقت....بعد فترة لقتني بركز ف حاجات متعلقة بيه، مش بس كلامه، تصرفاته كمان، "إيلاف" عمره ما طلب أكل من بره ولا أكل من البوفيه بتاع الشركة ولا شرب أي حاجة، لا جوه مكتبه ولا من الآلات بتاعة المشاريب، عمري ما لمحته بيشرب لا قهوة ولا شاي ولا شايل في إيده مج، حتى لما كنا بنعمل خروجات جماعية للشركة، كان بيفضل يتكلم من أول القعده لآخرها من غير ما ياكل ولا يشرب غير ميه وبس... من وقت للتاني شفت علبة أكل معاه، العلبة فيها صنف واحد مش بيتغير، يا شوربة شوفان ، يا شوفان من غير أي إضافات زي ما هو..
=طب ما هي اتفسرت أهي، الراجل رياضي، ماشي على نظام أكل معين..
-والنظام ده مفيهوش غير شوفان؟ مفيش فاكهة ولا خضار ولا بروتين؟ ما علينا، يجوز، هو الأكيد إنه نظام غذائي، إنما إيه الغرض من النظام ده هو ده السؤال....
كل اللي فات ده حماده واللي حصل لي اليوم ده حماده تاني....
ف يوم من الأيام لقيت اللي بيقرب عليا بضحكة توضح السنان اللي عاملين زي صفين لولي وبيقول لي:
-إعمل حسابك النهارده يا "ظافر" أنت قاعد معايا في الشركة لبليل، الغي كل مواعيدك!
قال إيه عشان كان في كذه حملة إعلانية كبيرة وره بعض فلازم كنت أشتغل شيفت مفاجيء عشان أحاول اخلص شوية حسابات متعلقة بالحملات دي، مش المشكلة إني كنت بشتغل من بدري زي آلة حاسبة متطورة وسريعة، المشكلة اللي بجد هو إني كنت هقعد معاه لوحدنا، أنا والرجل الغامض.....
حاولت طبعًا أخفي توتري، لكني من جوه كنت مهزوز جدًا... شوف يا "قاسم" كل اللي حكتلك عنه واللي محكتهوش ميبررش لوحده الخوف اللي كنت حاسه، السبب كانت حاجة ابعد من كده، حاجة معرفش تفاصيلها....
واحدة واحدة الشركة كلها فضيت عليا، الكل مشي حتى "غزل"، مع إنها بصراحة قعدت معايا أكتر وقت ممكن، كانت آخر واحدة تمشي، لكنها كانت مضطرة عشان هتسمع كلمتين حلوين أو حتى ممكن تتجازى، هي محدش طلب منها تقعد بره ساعات شغلها ووجودها ملوش أي مبرر، وبالعكس ممكن يبقى إلهاء ليا فكان لازم تتكل على الله..
وبقيت أنا وهو لوحدنا....
دخلني مكتبه. فتحت اللاب توب بتاعه وبدأت أفتح ملفات الحملات...
في الأول كنت ببص بطرف عيني عليه طول الوقت. عامل كإني مركز في اللاب توب، لكني كنت بتابعه، لحد ما بدأت استغرق في الشغل..
مخدتش بالي إنه كان اختفى من وقت، مبقاش موجود ف مكتبه، اتسلل بهدوء لدرجة محستش بيه، زود على ده اندماجي في الحسابات، وإذ فجأة صوت موسيقى ينطلق جنبي!
المصدر مش اللاب توب ولا موبايل ولا أي جهاز، الموسيقى كانت حية جدًا وده لإنها كانت بتتعزف لايف...
"إيلاف" كان بيعزف كمان جنبي، حرفيًا معاه كمان بيعزف عليه. ويا "قاسم" مش ببالغ لما بقولك إن عزفه يفوق عزف أنطونيو فيفالدي وأي عازف كمان عالمي مشهور على مر التاريخ...
بصيت ليه باندهاش، كان مندمج جدًا، عمال يتمشى في كل الاتجاهات، وعنيه شبه مغمضين...
المفروض في الأجواء الساحرة دي أهدى كده وأعصابي ترتخي وأعرف أركز أكتر في الشغل مش كده؟ لأ مش كده، أنا اتذعرت، كان هاين عليا أنط من شباك المكتب... العزف، المقطوعات، وأداءه...
إزاي واحد مشغول كده، وصل للمركز اللي هو فيه يبقى عنده وقت للتدريب عشان يوصل للدرجة دي من الحرفنة في العزف؟ في إيه؟ الراجل ده ماله؟
وقف عزف أخيرًا وأخد باله إني حاطط إيديا الاتنين جنبي وببصله مش ببص لشاشة اللاب توب.. قال لي:
-شكلك تعبت، ده وقت البريك.
-لأ بريك إيه؟ إحنا أصلًا داخلين على بليل، لازم أنجز، أنا كده مش هعرف أروح النهارده.
وإذا به يقرب مني ويقفل شاشة اللاب توب، هو أخد القرار خلاص، بريك يعني بريك، ولقيته بيقول:
-كان في وقت...
-وقت؟
-كان في وقت، مصر شكلها كان مختلف تمامًا، طبايع الناس وشكلهم ولبسهم ولهجتهم وظروفهم، وقت كان في قوى عظمى في العالم بتتنافس على امتلاك الأراضي، ومصر كانت مطمع، سنة 1798 جت حملة زي الجراد اللي بيغطي السما مرة واحدة وبيقلب النهار ليل، حملة الفرنساوية...
بعد الغزو على مصر والاستيلاء على اسكندرية والاستقرار المؤقت ظهرت شخصية، شخصية مجتش مع الحملة، مكنتش وسط الطاقم اللي كان على السفن، النبيل "بيير" أو زي ما عرف نفسه الكونت بيير.. بيير عرف نفسه على إنه من أب فرنساوي وأم مصرية، أصلًا لقب الكونت كان قديم عن الفترة دي، لكنه قدم نفسه بالإسلوب ده. المهم إن بيير بطريقة ما اخترق صفوف أهم شخصيات الحملة الفرنسية، منهم عالم الرياضيات جاسبار مونج والمخترع نيكولا جاك كونتيه وحتى نابليون بونابرت نفسه لكن أكتر واحد كان مهتم بيه، مهتم يقرب له كان الكيميائي كلود لوي بيرتولي...
معظم المجالس بتاعت النبلاء وكبار رجال الجيش كان بيحضرها، كان ليه تأثير غريب عليهم، وثقوا فيه ثقة تامة، وبصوا ليه بإعجاب كإنه مُعلم وعالم جليل، وعندهم حق، بيير كان فيلسوف وتاريخي وعالم خغرافيا وفيزيائي وأهم فرع وأقربهم لقلبه كانت الخيمياء وده سبب اهتمامه بكلود....
قضى مع كلود أوقات كتير، كانوا بيقعدوا لوحدهم في مختبر جوه سفينة من السفن الفرنسية.. كلود علم بيير شوية حاجات لكن العلم الأكبر كان عند بيير. بيير ورا كلود حاجات عمره ما شافها ف حياته ولا تصور إنها موجودة، وهي تركيبات كيميائية، تركيبات لو اتغير فيها عنصر واحد، ممكن مادة تتحول لمادة تانية، حديد يتحول لصلب، إزاز يتحول لحجر كريم وتراب يتحول لدهب، بس في مقادير تانية لازم تتحط عشان العمليات دي تتم، تعاويذ ومواد من عالم تاني غير عالم الإنس، عالم بيفصل ما بيننا وبينه حجاب، وهي دي الخيمياء، مزيج من الكيميا والسحر، وهو ده كان تخصص بيير الأساسي...
الصبح كنت تلاقيه ف مجالس أهم الشخصيات الفرنسية زي ما قلتلك وبليل ف مجالس أهم نماذج المقاومة المصرية وكان معرف نفسه للمصريين على أساس إنه بيومي، من أب وأم مصريين وكاره غزو الفرنساوية وبيخطط مع المقاومة لطردهم بلا رجعة.. المشكلة إنه كان ممكن الصبح يبقى ف اسكندرية مع الجماعة الفرنجة وبليل في القاهرة، ف نفس اليوم، ف وقت وسائل المواصلات كانت ما بين الحمير والبغال والأحصنة الشاردة والأحصنة اللي بتجر عربات، يعني الواحد عشان يروح من اسكندرية للقاهرة والعكس محتاج شوية أيام حلوين، وبيير أو بيومي أو أبراهام أو دانييل أو مايكل أو عبد الجليل كان عنده طريقة خفية يتحدى بيها القوانين السارية وقتها...
الأمور فضلت ماشية زي ما هي لحد ما واحد عايش ف نفس الحارة بتاعة الشيخ حسن الخطيب ف أسيوط شاف بيومي ف جلسة مع الشيخ حسن، كان عنده 80 سنة، لما شاف بيومي شهق، مد إيده وشاور عليه وقال بصوت مهزوز إنه يعرفه، شافه قبل كده وإن الوضع ده مستحيل، مستحيل بيومي يبقى بهيئته وسنه لإنه كان بنفس المواصفات من قبلها ب40 سنة!
الراجل العجوز حلف إنه اتعامل معاه من 40 سنة لما كان هو شاب وبيومي كان المفروض اكبر منه بكام سنة، أكد إنه نفس الشخص! بيومي ارتبك وأنكر كلام الراجل...الشيخ حسن بقى بيتنقل بنظره ما بين الاتنين من غير ما يعلق. المنطق يقول إن محدش يصدق كلمة راجل عجوز صايبه الخرف قدام كلمة راجل لسه يعتبر ف شبابه واعي وعقله حاضر...هو الراجل مكنش بيعاني من الزهايمر والخرف بس اللي بيقول له يوحي بكده! ودي النقطة التانية، يعني إيه نفس الشخص يفضل بنفس الهيئة من غير ما يكبر يوم واحد لأربعين سنة؟؟
ومع ذلك....
الشيخ حسن شك ف بيومي، برغب غرابة الكلام والموقف لكن حس إن الراجل العجوز ولا بيكدب ولا بيتوهم وده لإن بيومي فعلًا كان غريب الأطوار وفي علامات استفهام كتيرة عليه، مبدئيًا ميعرفلوش أصل ولا فصل ولا مين أهله بالظبط ولا عايشين فين، بيومي فجأة ظهر، وأي معلومات عنه اتعرفت منه شخصيًا ، ده غير حكمته وثقافته الواسعة زيادة عن اللزوم و ذكره لأحداث تاريخية بتفاصيل دقيقة زي طريقة بناء الأهرامات والأوضة السرية في الهرم الأكبر وموقع سور يأجوج ومأجوج وحريق مكتبة الإسكندرية وحريق روما وغيرهم.
ومن بعدها علطول بيومي إختفى ومعاه كمان الراجل العجوز، ف ليلة دخل سريره ونام في المعاد المعتاد لكن أهله ملقيهوش الصبح ولا ف أي وقت بعديها....
لكن بيير كان لسه موجود، لسه بيحضر اجتماعات نابليون بونابرت مع قادة جيشه واجتماعات العلماء والفنانين والنبلاء الفرنسيين وده لحد ما ست كبيرة فرنساوية ذات شأن وصلت مصر على سفينة وقابلت بيير ف اجتماع...
بصوت مهزوز ونبرة عالية قالت إنها عارفاه كويس، قابلته ف إيطاليا من 35 سنة وكان بيتكلم إيطالي بطلاقة والمفروض إنه كان رسام إيطالي وإسمه "جوزيه" بس المشكلة إنه كان بنفس الهيئة بالظبط، يعني ماكبرش ولا يوم والمفروض مكنش فرنساوي ولا مصري!
محدش خد كلامها بجدية وبرغم كده، بيير أو بيومي إختفى، محدش شافه تاني من الجالية الفرنسية، والست دي ماتت ف ظروف غامضة بعدها بحوالي شهر...
سيرة بيير مخلصتش لحد هنا، في مشاهدات لراجل بنفس المواصفات بعدها ب50 سنة وب 70 وب100 ولحد الوقت الحاضر وقبل كده ب200 سنة والف و4 آلاف!
مرة يبقى حداد ومرة رسام ومرة موسيقار ومرة فيلسوف ومرة جندي، في إيطاليا وفرنسا وترانسلفانيا وروما والشام والعراق ومصر وغيرهم، لكن المشترك هو مواصفاته وشخصيته وطلاقة لسانه وثقافته والأحجار الكتير اللي كان دايمًا بيلبسها ف إيده ف صورة خواتم، والثروة اللي كانت عنده وخزاين الدهب وإهتمامه بالخيمياء. ده حتى شارك ف مناسبات غيرت مجرى التاريخ زي حضوره لمؤامرات اغتيال نماذج شريفة بتدعو لعبادة ربنا أو التحريف ف معتقدات وتأليف اساطير عشان التأثير على الناس ومش بعيد يكون هو صاحب الاقتراحات دي..
يقال إن عمره الطويل ده لعنة بسبب مهاراته اللي اساء استخدامها زي القدرة على تحويل الجماد اللي مكسي دهب وعلى شكل حيوان لجسم حي بينطق وإقناع الناس بتقديسه..
من الشهادات المثيرة للاهتمام شهادة كازانوفا زير النساء اللي حكى عن واحد إسمه أبراهام، كان عنده إسلوب ساحر وعلم غزير وف وجوده الستات كانت بتفقد الاهتمام بكازانوفا وإنه كان بيغير منه وعايزه يختفي عشان بيسرق منه الشعلة وكان في حاجة غريبة متعلقة بإبراهام وهو إنه عمره ما كل على أي مائدة ، عمره ما شافه بياكل وإن عمره ف نفس العمر بتاع الشخصيات اللي اتشافت على مدار التاريخ وعندها نفس المواصفات!
"بعد ما كنت عايز أخلص شغل وأمشي باي طريقة من الشركة، لقيتني قاعد زي الصنم وأنا بسمع قصة بيير الخيميائي لدرجة إني محستش بالوقت، الساعة بقت 11 ونص بليل، الوقت جري بشكل مريب!"
=راجل مسلي فعلًا اللي إسمه "إيلاف"، تحسه شهرزاد كده ف نفسه، كل واحد فينا محتاج نموذج زيه ف حياته، يسليه ويحكيله حكاوي.
-المشكلة يا "قاسم" الإحساس القوي اللي جالي، وهو إن "إيلاف" ميعرفش قصة بيير بشكل سطحي أو حتى درس حالته وتاريخه كويس، أنا حسيت إنه يعرفه، أو يعرف حد يعرفه، بشكل ما "إيلاف" عنده علم كبير ب"بيير" ويمكن بعلمه وأسراره كمان.
فاكر لما قلتلك موضوع الخوف من الضلمة وإني رجعت أنام تاني والنور مفتوح، لكن مكنتش بشوف أو بحس بحاجة؟ ليلتها لما رجعت من الشغل متأخر واترميت عالسرير من غير ما أغير هدومي وبعد ما غرقت في النوم حسيت بحاجة...
في سخونة عجيبة جنبي خلتني اقلق، عيني فتحت على خفيف وساعتها شفت...
كان في جسم ممدد جنبي، واحدة ست شعرها أحمر وعنيها دهبي، كانت صاحية وبتتأمل فيا!
فتحت عيني عالآخر ف ذعر بس ملقتهاش، مكنش في حاجة جنبي ولا كان في حرارة.... أكيد، أكيد ده كان حلم، ده اللي قلته لنفسي، والدليل إني لما فقت وفتحت عيني مكنش في أي حاجة....
بس اللي كان أكيد هو الإحساس اللي جالي تاني يوم الصبح...
إحساس بشع، لما بييجي بكره نفسي وببقى مش عارف أسيطر عليه وبسببه الناس حياتها بتتقلب 180 درجة، من راحة وسلام لجحيم...
=متقولش...
-أيوه هو اللي جه ف دماغك بالظبط، حسيت إني مش قادر أتعامل مع "غزل"، مش عايز اسمع صوتها أو أشوفها، بقيت عايز مساحتي وحاسس بخنقة. ده اللي عمري ما كنت أتخيل إنه يحصل معاها عشان المفروض المرة دي مختلفة، أنا بحب "غزل"، بجد بحبها، ليه السد ظهر تاني والمرة دي ما بيني وما بينها؟؟ كلمتني مرة واتنين وتلاتة وأربعة ومردتش وكمان مروحتش الشغل عشان مشوفهاش ومضطرش اتعامل معاها...
الساعة 9 بليل الباب خبط. قمت أفتح لقيتها ف وشي ، "غزل"... نظراتها ليا كانت كفاية، فيها كل الكلام اللي ممكن يتقال، كلام حاد وعتاب تقيل واحتقار ليا، مقدرش ابدًا أعاتبها، أنا استحق...
أنا اللي بدأت الكلام لما ماما سابتنا لوحدنا في الصالة...
قلتلها إن غصب عني، حقيقي مليش دخل باللي بيحصل لي، أنا مش قادر أكلمها أو اتعامل معاها أو حتى ابصلها ف وشها...
نزلت عالأرض، بقت ف مستوى رجلي عشان تقدر تبصلي من غير ما أتهرب منها... قالت إني ضروري اشوف دكتور نفسي...
=ست واعية وعقلانية.
-أنا قلتلها إن حالتي مش نفسية، متأكد إني مش محتاج لدكتور وإني هروح...لإيلاف.
=بجد؟ كنت معتقد اللي عندك علاجه عند "إيلاف"؟
-أيوه طبعًا، أدركت إني كنت بحاول أقنع نفسي إني كنت بتخيل لما شفت الست إياها، لكن كل حاجة بتقول إن في حاجة غلط، حاجة مش معتادة، بداية من أحوالي اللي مش راضي عنها، إني كاره اللي كنت بعمله ومعنديش أدنى تحكم فيه، وحكاية خوفي من الضلمة الغير مبرر، وأخيرًا الست اللي شوفتها..."غزل" كانت في حالة صدمة، زيك كده مكنتش فاهمة إيه دخل "إيلاف" بالموضوع وإزاي ممكن يساعدني، جاوبتها إن "إيلاف" شخص استثنائي وعنده إدراك بحاجات إحنا منعرفهاش ومنفهمهاش، واللي بيحصل لي داخل في الدايرة دي.. مقتنعتش، وده لإني كمان موضحتش أكتر، محكتش عن الظواهر اللي كانت بتحصل معايا، لكني وعدتها إني هبقى كويس وهتجوزها، وإنها مش هتكون من الضحايا، مجرد رقم يتزود على قائمة إخفاقاتي...
=يا عيني عليكي يا "غزل" ، أكيد كانت ف حالة رعب وتهديد رهيبة.
-أنا كنت مرعوب أكتر منها، على الأقل هي لو كنت سبتها كانت هتكمل حياتها بعد فترة، صحيح هتتجرح ويمكن تتبهدل كمان، لكن أنا اللي جروحي كانت هتفضل مفتوحة، هفضل أنزف لباقي عمري...اليوم اللي بعده دخلت لإيلاف المكتب وقلتله إني عايز أروحله بيته عشان عايزه ف مشكلة خاصة بيا.. مردش غير بكام كلمة :"إرجع مكتبك، هبعتلك لوكيشن البيت، تجيلي بليل بعد الشغل"..
بعتلي اللوكيشن علطول، الخريطة بتقول إن موقع بيته كان ف أول طريق مصر إسكندرية الصحراوي، قريب من العمار ومن الفضا برضه، مكان نسبيًا معزول...
الساعة 9 ونص بليل اتحركت من بيتي على بيته...
مكنتش مصدق لما الجي بي إس قال إني وصلت، وصلت فين؟؟ في حاجة غلط! اللي قدامي كان قصر، قصر أبيض ضخم على مساحة أرض كبيرة وعلى القصر خطوط دهبي. وقدرت أشوف من البوابة تماثيل ومنحوتات كتير ف وسط المساحات الخضرة، تماثيل أحصنة وأسود وبني آدمين، لأ هو بني آدم واحد بس بستايلات مختلفة، مثلًا واحد بستايل الخمسينات، قصة الشعر والأزياء بتدل على كده، واحد تاني بستايل العصر اليوناني، واحد بستايل فرعوني، واحد بستايل عربي قديم وماسك ف إيده سيف، وكل التماثيل لما ركزت لقيت عندهم نفس الملامح، ملامح "إيلاف"!
سمعت صوت عالي أوي، مزعج! البوابات إتفتحت لوحدها، بشكل أتوماتيك، ودي كانت إشارتي عشان أدخل..
دخلت بالعربية وركنتها قرب باب القصر نفسه...
أول ما وقفت قدام الباب فتح لوحده برضه، المشكلة إني مشفتش حد وراه، برضه أوتوماتيك؟ جايز...
بص يا "قاسم" هو أنا مهما حكيتلك مش هقدر أوصف، أنا حرفيًا عيني مقدرتش تجيب كل مساحة الدور اللي كنت فيه، قدرت أشوف حوالي صالونين بكنب وكراسي وستايلات مختلفة، وباقي الساحات كانت مفروشة بسجاجيد ضخمة، ذوقهم عجيب، مش بس الرقي اللي عمرك ما هتشوف زيه، الأفكار نفسها، اللي هو مين المصمم ده وبينتمي لأنهي حقبة وأنهي بلد، شرقي على غربي، آسيوي على عربي، على موديرن على عتيق، خلاط كده رهيب، واللي كان مميز كمان هي الأضواء الخافتة اللي تخلي المكان برغم جماله مش مريح...
لقيت موبايلي بيرن، رديت وكان "إيلاف"، بلغني إنه بياخد دش وهينزلي علطول، مش هيتأخر عليا، وإن "البيت بيتي". بيتي إزاي ياعني، الكلام ده لما أروح لشقة "معتز" صاحبي في اللبيني، اللي هي زي علبة الكبريت ف حجمها ولو مديت إيدك من الشباك هتسلم على العربيات المعدية عالكوبري، إنما ده قصر أكاد أجزم أنه من أكبر وأفخم القصور على مستوى العالم كله!
فضلت أمشي والف زي جاموسة تايهة ف بحر العلم لحد ما عيني ثبتت على حاجة معينة.. صورة عالحيطة، صورة لإيلاف ومعاه واحد شكله آسيوي، كانت بالأبيض والأسود، الصورة دي موجودة على حسابه في الانستجرام لكن ملونه وبجودة أحسن بكتير. مفكرتش كتير، جريت على هناك، قلعت جزمتي وطلعت فوق الكنبة وشلت الإطار من مكانه. تحت الصورة كان مكتوب بخط صغير "جزيرة بنتن 1924"!
=نعم؟!
-أنا كنت معتقد قبل كده إن "إيلاف" عارف بيير بشكل شخصي أو عارف حد قريب منه أو عارف سره، لكن ساعتها اتأكدت إن إيلاف ما هو إلا بيير أو بيومي أو إبراهام، إيلاف هو الشخص اللي عايش من آلاف السنين، اللي عنده السر اللي يقدر بيه يخلي تمثال ينطق ويقنع الناس يقدسوه وعنده سر تحويل المعادن لمعادن تانية، لأحجار كريمة ودهب، وعنده السر اللي يخليه بنفس الهيئة وشباب كل المدة دي وعنده سر مؤامرات العالم الكبيرة والسرية... أنا كنت ف بيت الكونت بذات نفسه!
=يادي الشيلة يادي الحطة، مكنش في شباك تنط منه؟
-لأ، وبعدين أنا كنت جي لأمر تاني تمامًا، أنا عارف من قبل ما أوصل إن "إيلاف" شخص مش عادي وإنه عشان كده هيقدر يساعدني.
=أيوه بس مكنتش عارف إنه الرجل الحديدي الخالد.
-ومع ذلك فضلت، أنا وصلت لمرحلة إني ممكن أحط راسي جوه فك أسد لو ده هيساعدني. رجعت الصورة والإطار مكانهم ولبست الجزمة وبعدت شوية وقعدت ف مكان تاني لحد ما "إيلاف" ظهر... شوف، من أول ما لمحته على السلالم عرفت، عرفت إنه عرف إني عرفت!
نظرته الثاقبة والابتسامة الخفيفة الغامضة على وشه بتقول كده.. أول مرة كنت أخد بالي إن بشرته شاحبة بالمنظر ده، ده كان حرفيًا لونه أصفر!
أول حاجة قالهالي:
-إيه رأيك في التماثيل اللي بره القصر؟
-جميل، جميل يا "إيلاف".
-تعرف النحات؟
-هعرف منين؟
-أنا اللي نحتهم كلهم، عشان كده تلاقي الملامح واحدة لو ركزت.
-اه، فعلًا خدت بالي.
-وتعرف مين بنى القصر؟
-أكيد هو نفسه النحات.
ضحك وبعدين رد:
-نبيه يا "ظافر".
-أنا جي عشان...
-عايز تعرف إزاي أقدر أخليك محتفظ بشكلك وشبابك سنين طويلة زي ما عملت مع أقرب أصدقاء ليا؟
-لأ.
-يبقى عايز تتعلم شوية كيميا، الكيميا اللي تخليك غني من غير ما تشتغل أو تعمل مشاريع، تحول الخردة لثروة.
-لأ برضه، أنا مش مهتم بكل ده.
-أمال إيه، عايز تتعلم موسيقى، كمان، بيانو، عود، طبلة، هاارب؟ تتعلم الرسم أو النحت، التمثيل، السياسة والإعلام؟
-لأ، أنا مش مهتم بأي مجد يا إيلاف ولا بحياة أبدية وخلود، أنا بس عايز أحل مشكلتي.
-خلود؟! مين فهمك إني خالد؟ أنا صحيح زي مانت عرفت عايش من كتير، من أيام مصر القديمة ومن بعديها أوروبا وآسيا والعالم الجديد من قبل ما يكتشفه كريستوفر وباقي العالم لكن ده مش معناه إني مش هموت، هو في حد مش هيموت يا "ظافر"؟ يعني الجن يموت وأنا أفضل؟ كل من عليها فان.. هي بس أعمار، زي الدوا اللي الناس بتاخده عشان تعالج أمراض أو تطعيمات عشان الوقاية وده بيطول العمر عشان الأمراض المميتة اللي مش بتصيبهم وكله بأمر الخالق، وف عمر الزمن مش فارقة كتير، مش فارقة 60 سنة من 10 آلاف من 100 آلف، كله هيعدي كإنه يوم أو شوية ساعات. قول لي بقى إيه هي مشكلتك؟
-في كيان، حاجة مش طبيعية، حاجة احتلت حياتي من طفولتي ومنغصة عليا عيشتي، مش عارف أتجوز الست اللي بحبها ولا أرتاح...
شاورلي إني أمشي وراه.. طلعنا سلالم كتيرة أوي، على الحيطة جنب السلالم كان في لوحات مزعجة ومش مفهومة، فيها رسومات عن ناس بتتعذب، محاكمات علنية، مقصلة وحديد على شكل صلبان، أجسام مقطوعة رقبتها، وناس بتحارب نمور في الكولوسيوم، المدرج الروماني وجمهور بيشجع، لوحة لمكتبة ضخمة وهي بتتحرق وجواها أوراق وكتب، لوحة للقاهرة ف وقت قديم وهي برضه بتتحرق، لوحة لهيباتيا العالمة الوثنية المشهور وهي بتتجر على الأسفلت وأحشائها خارجة منها، ولوحات تانية فيها رموز، الرمز الأبرز واللي عرفت أميزه هو رمز الماسونية والتنويريين! وف الخلفية كان وش بألوان هادية تكاد تخلي الوش مش باين، الوش كان بتاع إيلاف!
=اه، لأ ما أكيد، واحد بالمواصفات والملكات دي لازم يبقى ليه علاقة بالجماعة إياها، ده شيء طبيعي.
-يا "قاسم" ده كان في لوحة لفرسان الهيكل، وف واحد فيهم شبه متأكد إنه برضه إيلاف...ما علينا، أنا كنت رايح لغرض محدد، كده كده عمري ما كنت هوصل لنقطة ف بحر غموض الراجل ده...أخيرًا وصلنا لأوضة معينة، دخل قدامي، الأوضة كانت ضلمة كحل. فضلت واقف كام ثانية وبعدين شفت ضوء خافت بيتحرك، شمعدان فيه كام شمعة منورين "إيلاف" كان شايله وحطه على طربيزة وبعدين جاب كام شمعدان تاني والأوضة بقت فيها نور كفاية وقادر أشوفها كلها.
معرفش إمتى، بس "إيلاف" كان لابس قدامي روب إسود، إمتى لبسه ده وهو لما نزل لي مكنش لابسه؟!
يمكن في الكام الثانية اللي الدنيا كانت عتمة فيهم والروب كان موجود في الأوضة؟ الله أعلم..
وقف بيبصلي كإنه مستنيني أتكلم. قلت:
-في حاجة معايا، حاجة ملزماني من صغري مخلياني مش عارف أكمل ف أي إرتباط، مش عارف أتجوز، بدون مقدمات بعد ما ببقى معجب بالست اللي معايا ومتحمس للحياة الجديدة معاها، بقفل منها كإنها أكلة كريهة بتقلب بطني، مش بقدر أتعامل معاها تمامًا، والمصيبة إن المرة دي ده بدأ يحصل مع الست اللي حبتها بجد، أنا مش عايزها تطفش مني.
-الحاجة اللي ملزماك شعرها أحمر غجري وبشرتها بيضا وعيونها دهبي....
-عرفت إزاي؟
-عشان هي هنا....
بصيت ف نفس الاتجاه اللي كان باصص ليه... كانت موجودة، واقفة قدامنا، بشرتها بتلمع مع انعكاس ضوء الشموع عليها، كان باين عليها مخضوضة. قالت:
-أنا إيه اللي جابني هنا؟ المفروض ابان ليك أنت وبس يا "ظافر"!
وبصتلي مباشرة بعتاب.. الليلة إياها كانت أول مرة أشوفها ودي أول مرة اسمعها...
"إيلاف" قال إنها إسمها "شفق" وإنها حبتني من طفولتي وقررت تستنى لحد ما أكبر وتتجوزني وإنها هي السبب، بتمنع أي موضوع ليا إنه يمشي لإنها مش هترضى إن واحدة تشاركها فيا وده سبب خوفي من الضلمة، إحساسي بعدم الأمان برغم إني مكنتش شوفتها لإنها كانت دايمًا موجودة، دايمًا حواليا.
بعدها "إيلاف" قرب مني، بصلي بصة مرعبة ومسك إيدي بقوة... لقيت نفسي في صحرا واسعة، حواليا رملة دهبي ناعمة، تلال من الرمل على مسافة مني، مفيش أي خضرة أو ميه أو حيوانات... سمعت همس بيقول إن ده موطنها.. كان صوت "إيلاف"، فجأة في اشكال بدأت تظهر حواليا في الصحرا، كائنات عجيبة، بدل الشعر في نار خارجة من راسهم، عيونهم واسعة بزيادة، نظراتهم مش مريحة أبدًا، وحركتهم، كإنهم طافيين على الأرض مش بيمشوا. حد فيهم انتبه لي ، بص لي بغضب وزعق:
-إرجعي يا "شفق" عوالمنا مينفعش تتقابل، اتخلصي من عشقك للبشري، العواقب وخيمة.
بعدين رجعت للأوضة، "إيلاف" كان موجود بس "شفق" مش موجودة...
"إيلاف" أكد لي إنه هيساعدني ويخلصني من الجنية العاشقة، بس لازم أواظب على المجي، لازم أروحله كل يوم...
جسمي كله كان بيترعش وانا ممدد عالسرير ليلتها، كنت حاسس بيها، في دراعات كانت محاوطاني وبتخنقني، كنت بتنفس بصعوبة طول الليل...
تاني يوم بليل كنت ناوي أعمل نفس الحاجة، أروح لقصر "إيلاف"، لولا إن "غزل" لقتها واقفة تحت عمارة بيتنا. أصرت أروح معاها مشوار. قلتلها نأجله لكن مفيش فايدة، حرفيًا وقفت زي سد ما بيني وبين مدخل العمارة، وخلتني أدخل عربيتها بالعافية وانطلقت....
طلع المشوار عيادة دكتور نفسي...
=برضه مصرة مفيش فايدة؟
-الستات بقى يا "قاسم"! طلعت للعيادة وأنا متأكد إني مش هستفيد حاجة...كان باين عليا في الجلسة إني مش مقتنع بالدكتور وبستخف بيه وبكلامه، لحد ما قال:
-أنا مش عايزك تحكي عن مشكلتك ولا أي حاجة مضايقاك، أنا عايزك تحكيلي عن نفسك، عن مدرستك وأنت صغير، صحابك، باباك ومامتك، حتى وجبتك المفضلة...
غريب أوي الدكتور ده...بدأت أحكي، والغريبة إني بعد فترة قلت إسم، إسم معين معرفش جبته منين، طفل، جاري وصديق طفولتي مكنتش فاكره قبل اللحظة دي، حكيت إني كنت بلعب معاه كل يوم أو يومين بالكتير، كان حرفيًا أقرب حد ليا في الدنيا وف يوم عالمنا احنا الاتنين اتقلب تمامًا.. "مأمون" تم إيداعه ف مصحة عقلية وأنا فضلت أعيط وأزن على ابويا عشان نروح نزوره وياريتني ما زرته..."مأمون" كان ف يوم قاعد مع أمه في البيت لوحدهم والأب مكنش موجود، أو بمعنى اصح هو كان في حد تالت ، عشيق أمه... الأب جه فجأة على عكس التوقع،شاف العشيق مع مراته، ثار، قتل أمه وعشيقها ف وجوده وعشان عقله كان غايب وحصلت له لوثة نده "مأمون" وخلاه يساعده ف تقطيع الجثث وخده معاه حته صحراوية وبرضه خلاه يساعده في الدفن... نظرة مأمون يا قاسم كانت بشعة لما روحتله المستشفى، نظرة باردة حادة توحي باللي حصل لما كبر وهو إنه بقى قاتل متسلسل... الذكرى دي كنت محتها تمامًا من عقلي، محيت وجود مأمون شخصيًا... انهرت في العياط وأنا ممدد عالشيزلونج، هو ده العازل، هو ده السبب، أنا كان عندي عقدة نفسية من الستات بسبب خيانة أم مأمون لأبوه ومسؤوليتها عن كل اللي حصل بعد كده، مسؤوليتها عن خراب مأمون وقتل كل ضحاياه.. وافتكرت كمان، مكنش في "شفق"، "إيلاف" هو اللي أوهمني بوجودها، ولا كيان بيقعد جنبي عالسرير ولا ملازمني ولا جنية عاشقة ولا قوم ليها عايشين في الصحرا....
=نعم؟ يعني السبب هو عقدة نفسية ومفيش جنية عاشقة؟! وإيلاف ده بيعمل كده ليه وإيه أصله أصلًا وكينونته؟
-إيلاف عنده قدرات، محدش يقدر ينكر ده، بيير أو بيومي أو الكونت أو غيرهم شخص عنده ملكات رهيبة من ضمنها صنع الوهم، أما بقى عن كينونته فهفكرك إن في شياطين جن وشياطين إنس، ممكن والعياذ بالله يكون جن بيتشكل في صورة إنسان وبيظهر ف عصور مختلفة عشان يفتنهم ويشغلهم عن عبادة الله وعظمته، يهيألهم إنهم ممكن يبقوا كيانات خارقة وإن في علم زي الخيمياء يخلي الإنسان يعيش كتير وجسمه يفضل قوي وميشيخش لمدة طويلة، وينبهروا بيه وينسوا دينهم ومعتقداتهم ويتهووسوا بعلمه وثروته ونفوذه ومواهبه وواقع إنه مش بيموت، أو ممكن يكون إنسان وهو عبارة عن فتنة برضه لباقي البشر، بسبب لعنة بقى أو قدرة، قدر يعيش كل ده وبرضه أغراضه شيطانية وف كلامه كدب حتى لو متغلف بحقيقة، يعني مقدرش اثق ف أي حاجة حكالي عنها، وباعترافه في النهاية برضه هيموت، مهما عاش هو مش خالد... المهم يا "قاسم" إنه من بعدها إختفى من على سطح الأرض، مجاش الشغل ومحدش عرف يوصل له، وأنا بقى رجعت لأرض الواقع، بدأت اداوم على زيارات الدكتور النفسي واتعالجت وإتجوزت "غزل"، وكل ما بفتكر تفاصيل متعلقة باللي إسمه إيلاف أستعيذ بالله وافكر نفسي أن مصدر القوة والقدرة الحقيقة هي ربنا سبحانه وتعالى وربنا يعين بقى ضحية إيلاف اللي عليها الدور، اللي ممكن تكون في العصر الحالي أو بعد 200 أو الف سنة.....
"تمت"