هدنة .. تلك الكلمة التي يجب أن تكون في دائرة اهتمامنا، وهذا الفعل المصاحب لها. فلنقف برهة وننظر لحياتنا من بعيد، سنجد أننا نجري ونلهث وراء قطار سريع للغاية كلما شعرنا بدنو محطته لنلحق به نزيد من سرعتنا ونلهث وراءه نجد المحطة تبعد أكثر فنلهث أكثر لنلحق بالمحطة التي تليه، لنكتشف في النهاية أننا أضعنا الكثير من الوقت والجهد ولم نصل إلى ما نريد ونركض أكثر وأكثر فنهوي على الأرض وننظر خلفنا فنجد أن هناك من المحطات والأعمال ما لم نقف عندها لنتأملها ونعطيها الاهتمام الذي يليق بها. فنقف في المنتصف لا نستطيع تعويض ما فات ولا اللحاق بما هو آتٍ. لذا .. يجب أن نعطي أنفسنا هدنة للتفكير، لإراحة البدن، لاكتساب خبرة جديدة، لإنعاش علاقات اجتماعية كادت تموت في غرفة الإنعاش. هدنه لضخ دم جديد يحل محل دم مسمم للبدن. فالهدنة من الأعمال الدنيوية مطلوبة للغاية، بينما لا نستطيع أخذ هدنة من الأعمال الروحية لأنها وبكل بساطة هي التي تعيننا على إراحة البدن من ثقله بالأرض والتحليق بروحه إلى عنان السماء. فمن يستطع أن يأخذ هدنة من الصلاة والقرآن الكريم والذكر فسيجد الضنك والضيق، وهذا عكس هدنة الأعمال الدنيوية، فنجد فيها الراحة والتأمل و التحليق إلى أسمى معاني الجمال. فهيا بنا نستثمر هذه الهدنة بزيادة الذكر والتأمل والتفكر في الكون وقراءة القرآن الكريم، وأهم استثمار لهذه الهدنة هي أداء العمرة، والتي تجمع كل ذلك في وقت واحد لنعود بعد ذلك "إنسان ببدن سليم .. وروح طائعة". يوازن بين متطلبات الحياة الدنيا وإعمار الأرض وبين ما خُلق من أجله عبادة الرحمن.