لا يُمكن للأرواح أن تتلاقى مهما فاضَ بِها الشُّوق والحنين،
وأنا لا أقول هذه العبارة لأنني لم أكُن قادرة على صُنعِ لقاءٍ خاصٍّ بنا على مرِّ السِّنين!
لكنني يا عزيزي أؤمن بأنَّ للأرواحِ كرامة وعِزَّة أكثر من أجسادنا الفانية، فتأبى أن تذهبَ إلى أماكن أغارَتْ بها الجروحَ والأحزان ولو على سبيل حُلُمٍ عابر أو خيالات..
أجزِمُ بنُكرانِكَ حجمَ عشقِكَ لي أو احتياجك لاجتياحٍ عميقٍ بين أضلعي لتستكين نحو عالمِكَ القديم الأكثرُ رَحباً.
حتى الصُّور القديمة والعزيزة على قلبِكَ ادَّعَت نسيانك لها داخل إحدى الغرف التي قُمتَ بالتنقُّل عبرها منذُ أن غادرتكَ في تلك الليلة.
أنتِ لستِ نِصفي الثَّاني الذي يُكمِّلُ نَقصَي، فأنا لست من أنصاف الرجال، تلك الكلمات التي رميتها بوجهي أمام النَّاس في مقهى النُّوفرة الذي لطالما جمعنا في حارات القيمرية وبين جدرانها التي حملَت ذكريات الدمشقيين..
أجزمُ رؤيتَكَ لي في مرآتك لا لأنني أحملُ ملامح وجهِكَ فنحن مُختلفين تماماً في كُلِّ شيء حتى بطريقة سماع الموسيقى وحُبِّي لفيروز مع كُرهِكَ الشديد لصوتها وكلماتها.
إلَّا أنَّك تشعر بي وبنبضات قلبي المُضطَّرِبة في أوقات حُزني وسعادتي التي لا أستطيع شرحها أو التحدُّثِ عنها.
ثقتَكَ العمياء والمُبالغ بها في خوضِكَ جميع الطُرقات وأنتَ مُغمض العينين، لأنَّك تعلمُ جيداً وقوفي خلفَكَ على الدُّوام وحُبِّي الكبير الذي مازلتُ أمنحكَ إياه وأنت تقف في أطراف العالم بعيد المدى.
أُبادرِكَ الحديث صباحاً فأقولُ مُرَّ حُبًَّا ثُمَّ لا ألبِثُ أن أذكرَ إجحافِكَ وقسوتك لأحذفها.
تلاقي أرواحنا غير مرهون بطريقة عشقي الجنونية لشهد عينيك، بل بعنفوانِكَ الذي حفرتَهُ داخلي ثنايا روحي لأصبح أنا أنتَ.