مضى وقتٌ طويلٌ لم يزرني فيه أبنائي، لكنّني لست غاضبة منهم، فهم بلا شك قد شغلتهم أمور الحياةُ، مثلما كنت أنا انشغل عن والدتي، كما صار لديهم أبناء يستنزفون وقتهم مثلما كانوا هم في الماضي يستنزفون وقتي.
ولكنني أتشوق لزيارةً منهم، فقد اقترب العيد، ويملؤني يقين أنهم لن يفوِّتوا هذا اليوم، فهم يعلمون انتظاري ولهفتي للشعور بهم حولي.
لكنهم لا يعلمون أن هذه النباتات التي التي غرسوها بالقرب مني هي أيضا بحاجة إليهم، فقد ذبلت - بالرغم من أن أناسًا آخرين يروونها - ليتهم يعلمون أنها في انتظار أيديهم، هم فقط، لا أحد غيرهم، وأنها بحاجة إلى مودتهم مثلما أنا بحاجة إليهم.
في آخر زيارة، منذ وقت طويل، كنت أشم رائحتهم، وأنصت لأصواتهم، أُمَيِّز صوت أكبرهم وأصغرهم، كم آنستني حكاياتهم لبعضهم البعض عني، وتندرهم بمواقف بعينها كنت فيها معهم، كنت أسمعهم وهم يضحكون أحيانًا ثم يصمتون ويأخذهم البكاء أحيانًا أخرى، غير أنهم لم يغادروا يومًا؛ إلا بعد أن تغمرني دعواتهم وصلواتهم لروحي.