إلى أبا إبراهيم، الشهيد بإذن ربّه، بطلنا المغوار.. يحيى السنوار، أكتبُ هذهِ الكلمات.
أيا حضرة فارسنا قد ضاقَ صدري حينَ عَلِمتُ الخبر، وخيّمَ الحُزن على قلبي، وأصبحتْ مُقلتايَ كَدلوٍ يغرفُ من جمرِ القلب دمعًا أُجاجًا!
حزنتُ سيّدي ولا أدري لماذا؟
ألفِراقكم عنّا؟
ألحرماننا بركة وجودكم الطاهر بيننا؟
أم على حالنا وما وصلنا إليهِ من هوان؟!
حضرة سيّدي _والسيادة للَّه_ يحيى قد كانَ لشهادتكَ دويٌ أقوى من رصاصاتِ الظُلم، وأشدُّ من مُدّرعات الخزي، بل وأعنفُ من مسيّرات القهر، وأفتكُ من صواريخ الخُذلان.
سيّدي يحيى قد اِشتاقتْ لكم الجنّة؛ فلأمثالكم خُلِقَتْ، نحسبكُ شهيدًا بإذن اللَّه، وهذا ما يُخفف عنّا ألم الفِراق.
أوتعلمُ سيّدي بأنَّ نبأ اِستشهادكَ كانَ كَطعنةِ خنجرٍ وصلَ نصلهُ لصميمِ القلب، لكنَّنا أقوياء باللَّهِ العليِّ العظيم، لذا فوّضنا إليهِ أمرنا.
تفكّرتُ كثيرًا في حُزني على فِراقكم سيّدي، فحمدتُ اللَّهَ سُبحانَهُ وتعالى أنَّهُ لم يُمكّن منكَ عدوّك، بل قبضكَ حُرًّا شُجاعًا، مِقدامًا ومغوارًا.
حَمدتُ اللَّهَ يا سيّدي أنْ حقّقَ لكَ المُنى، فجعلكَ تقضي إليهِ سُبحانَهُ وتعالى شهيدًا طيّبًا مُمّسكًا.
حَمدتُ اللَّهَ يا سيّدي أنْ نصركَ وأيّدكَ بجنودٍ من عنده، وما يعلمُ جنودَ ربّكَ إلَّا هو.
أوتدري يا سيّدي إنْ كانَ حُزننا على فِراقكم قيراطًا فإنَّ حُزن العدوّ على نَيلكم الشهادة قد بلغَ أربعة وعشرين قيراط!
قد نكّلتْ بهم حيًّا وشهيدًا سيّدي، فقد حزنوا أنَّ أياديهم النجسة لم تطلك، وأنَّهم قد حصلوا عليكَ بعدَ أنْ سلّمتَ الأمانة لخالقها فكُنتَ من الشُهداء.
سيّدي يحيى في جنّاتِ الخُلد يحيى.
حَمدتُ اللَّهَ يا سيّدي أنَّكَ لم تقع في أسرهم، أولئكَ المغضوبِ عليهم من ربِّ العالمين؛ فهم نَجسٌ وجيف، كانوا سيختلقونَ الروايات، ويُؤلّفونَ القصص ليُشّهروا بسمعتكم الطَيّبة سيّدي، ورغم ذلكَ لم يَشغل بالي إدّعاءهم قدر ما يَشغل بالي أنْ لا تُمَسَّ ولو بِشقِ كلمة.
سيّدي يحيى، ماذا بينكم وبينَ اللَّهِ حتّى أحزنَ عليكم كُلّ هذا الحُزن، رُغم أنَّني ما عرفتكم حقًّا قبلَ نبأ اِستشهادكم؟
سيّدي يحيى أنا فتاةٌ لا تعرفونها، وكُنتم أنتم كذلكَ بالنسبةِ لها إلى أنْ سجى ليل الخميس، فعرفتكم وكانَ ما كانَ من الحُزن.. لكنْ للَّهِ الأمر من قبلُ ومن بعد.
أيا سيّدي يحيى أنتَ بطلٌ وأنا فخورةٌ بكم.. طِبتَ حيًّا وشهيدًا.