بيقولوا عليها هادية...
لأن ملامحها ساكنة زي سطح بحر في عز الفجر،
لكن محدش فيهم يعرف إن جواها إعصار بيتكسّر على صخور الصمت.
بيقولوا منطوية...
عشان دايمًا لوحدها،
بس هما ما يعرفوش إن وحدتها مش عزلة،
دي مدينة كاملة هي اللي بنَتها وسكنت فيها،
مدينة فيها أرواح كتب، وأغاني، وذكريات، ومشاهد مشافهاش غير خيالها.
بيقولوا غامضة...
عشان ما بتحكيش،
بس هما ما يعرفوش إن كل مرة بتسكت فيها،
هي بتكتب جواها رواية من ألف صفحة،
وكل تفصيلة في وشك، هي حفظاها أكتر منك.
بيقولوا خجولة...
عشان صوتها واطي، ونظرتها دايمًا هادية،
لكن محدش فيهم يعرف إن صوت أفكارها بيصرخ جوا دماغها بصوت أعلى من الميكروفونات،
وإن قلبها بيخوض معارك من غير ما تطلع ولا أنّة.
بيقولوا مملة...
عشان مش بتحب تزاحم الكلام،
بس هما ما يعرفوش إن جواها مسرح بيعرض عرض جديد كل ليلة،
مسرح من الإبداع، والجنون، والشغف، والمواهب اللي لسه ما طلعتش للنور.
بيقولوا عليها ضعيفة...
عشان ردود أفعالها بتيجي بعد ما الموجة تعدي،
بس هما ما يعرفوش إن اللي بيختار رد فعله بعد ما يهدأ البحر،
هو نفسه اللي بيقدر يطوّع الزوابع لصالحه.
الحقيقة؟
البنت دي مش هادية، ولا منطوية، ولا غامضة، ولا خجولة، ولا مملة، ولا ضعيفة.
البنت دي...
قصيدة ممسوحة من على جبين الزمان، عشان ما يقراهاش إلا اللي يستحق.
البنت دي أشجع من صمت الجُدران، وأعمق من بير سحيق في صحراء مهجورة.
صوتها الداخلي بيغني مواويل للناس اللي ما تسمعش غير الصراخ.
وعينيها فيها خرايط، اللي يعرف يقراها يوصل لجواها من غير ما تسوقه خطوة.
حتى أهلها...
شافوا القشرة وسابوا اللُب،
شافوا الملامح وسابوا الدواخل،
فكبرت وهي بتتبني جوة نفسها،
طوبة طوبة... ووجع بوجع...
لحد ما بقت قلعة،
قلعة مش من حجر...
قلعة من صبر، وملاحظة، وتجلّي داخلي.
هي مستخبيّة...
آه، مستخبيّة مش خوف...
مستخبيّة من الضوضاء، من الأحكام، من القلوب اللي ما بتفهمش غير الظاهر.
لكن لما تحس بالأمان؟
لما تلاقي روح تتنفس فيها؟
وقتها بس...
هتكشفلك عن عالم،
مش هتشوفه في أي كتاب، ولا فيلم، ولا حتى حلم.
هي مش أي بنت،
هي "المستخبّية"...
اسمها لوحده حكاية،
بس جوّاها ألف رواية لسه ما اتكتبتش.