ضبابٌ يُغشي المكان، تشابُك الأشجار يُوحي بالفزع، بوجودِ ظُلمة الليل.
جماجمٌ منثورة على جانبي الطريق، أيُّ طريقٍ هذا الذي تُزيّنهُ الجماجم؟
ظننتهُ طريق اللا عودة، وتناسيتُ أنَّ بعض الظنّ إثم!
أنفاسي كادتْ أنْ تنقطع من فرطِ نشاط قلبي، قفصي الصدر يعلو ويهبط، أسيرُ على أطرافِ أصابعي، أودُّ أنْ أُخفي همسي؛ كي لا تلمحني الجماجم!
أعلمُ أنَّها مُجرّد رُفات فاقد القُدرة والحركة، لكنَّ خوفي تغلّبَ على عِلمي فظننتها تقوى على الحركة، بل وبإمكانها أنْ تفتكَ بي.
لا أدري ما الذي جاء بي إلى هُنا، فقد مُحيتْ ذاكرتي للتو، هُناكَ طُرقٌ يدلفها الشخص دونَ خيار، وعليهِ أنْ يُكملها بكامل إرادته.
ما هذا الذي أسمعه؟
صوت حركةٍ بطيئة قد تسببَ في جفافِ دمي!
نظرت حولها فلم تجد شيئًا قد تغيّر، فالجماجم كما هي، وتشابك الأشجار كما هو، والظلام يقطعهُ بصيص من ضوء القمر.
أقنعتْ عقلها بألَّا يلتفت وأكملتْ سيرها، لحظاتٍ وتكررَ ما سمعتهُ قبلَ قليل.. وقفتْ فتوقفَ الصوت، تمنّتْ لو إبتعلتها الأرض في هذهِ اللحظة، قررتْ أنْ تواجهَ مخاوفها فاستدارتْ رويدًا رويدًا فإذ بها وقد إتسعتْ حدقتاها، أخذتْ تنظر بفمٍ فاغرٍ لتلكَ اليد الخارجة من باطنِ الأرض!!
لم تتمالكَ خوفها فصرختْ بكُلِّ ما أُوتيتَ من قوّة لتكونَ صرخاتها مِفتاح السرّ في عودة الرُفات للحياة بينما هي مَن أصبحتَ مكانهم!