مهما عمَّ الضبابُ محيطك، لا تفقد شغفك، كُن كريمًا كما أنتَ دومًا، أتعلمُ أنَّ الحُبَّ شعورٌ مُتبادل وإحساسٌ لا مثيلَ له، حسنًا سأُوّضحُ لك.
قد أحببتُ حمامةً بيضاء، فظللتُ أضع لها بعض حبّات الحِنطة والقليل من الماءِ البارد، كي تروي ظمأها في هذا الطقس الحارّ، لكنَّها كانتْ تأتي لتنظرَ إليَّ من بعيدٍ وتذهب.
لم أَكُن أعلم ما يدورُ برأسها، ولا ما يُشغل مشاعرها، أو حتّى ما يجولُ بخاطرها، لكنَّني صبرتُ عليها وظللتُ أضع لها الطعام والشراب، وظلّتْ هي تأتي وتذهب دونَ أنْ تقترب.
تفكّرتُ في أمرها كثيرًا لكنَّني لم أفهم بعد، حتّى جاءتني في القيلولة، تلهثُ من شِدّةِ الحرّ، فأقتربتْ على حذرٍ وأخذتْ تشرب حتّى إرتوتْ، نظرتْ إليَّ فوجدتني باسمة، لم تهرب منّي كَعادتها، بل إقتربتْ أكثر لتلمسَ يدي بريشها الناعم ثُمَّ ذهبتْ على الفور.
وبعدَ أيَّامٍ وجدتْ الحمامة في قلبي ملجأً لها ووجدتُ أنا الحنان في قُربها منّي، حتّى أضحتْ تَقِفُ على يدي بعدَ أنْ إطمأنتْ لي.
هي أرواحٌ طاهرة تُبادلنا الحُبّ إنْ نَحنُ أعطيناها الأمان.