أكرهُ أبى.....لاأعلم هل من الصوابِ البوحُ بذلك أم لا؟!! ولكنى أكرهُ أبى وبشدة..أمقتُهُ أكثرُ من أى شيئٍ آخر فى الحياة...فوجودهُ بالمنزل يصحبهُ السباب والألفاظ البذيئة والشياطين والضرب والخوف وكل المشاعر السيئة التى تخطر على بالِ البشر...حينما يبدأ بنوبات صراخه اليومية على أمى ثم علينا...أهربُ بعيداً لأختبأ فى غرفتى مُغلقةٌ الباب علىَّ لأحظى ببعض الأمان....وحينما ينتهى من مشهدُهُ اليومى المُتكرر الذى لايكتمل يومنا بدونه وحينما ينتهى من تفريغ غضبه علينا يهمُ بمُغادرةِ المنزل...عند مغادرته للمنزل يصطحبُ معه شياطينَهُ التى تُرافقه فى المنزل واللعنات والسباب والخوف ويُقطع هذا اللسانُ السليط الذى أعتاد دائماً على إلقاء كل ماهو بذئ على مسامِعِنا....ويحلُ حينها شئ يُشبه الفرحة بمغادرته وإطمئنانٌ زائف...لأن الأمان الذى نشعر به عندما يُغادر ماهو إلا أمان مؤقت سينتهى بعودة هذا الوحش مرة أُخرى...حينما يُغادر يبدأ كُلٌ منا فى البكاء من شدة التعب النفسى والمُعاناة ومن شدةِ الخوف ومن شدةِ كُرهنا له وشدة كُرهنا لعودته للمنزل ومن إنعدام الرحمة بداخله ومن إطلاق كلمة أب على وحش مثله لاتُمثلُهُ الكلمة فى شئ..لم أعرف يوماً مامعنى أن يكون الأب سنداً ودرعاً لأبناءه....فالأب بالنسبة لى يعنى الخوف حد إبتلاع الكلِمات...يعنى السباب التى تنزفُ الأُذنُ حين سماعِها ...الأب بالنسبةِ لى يُشبه دخولك فى مصارعة مع شخص أقوى منك فالنتيجة حتماً ستنتهى بإبراحك ضرباً...الأب بالنسبةِ لى وحشاً فى هيئةِ إنسان....أبى بالنسبة لى ميت على قيد الحياة...حتى مُجرد إقتران اسمى باسمِه يُشعرُنى بالاختناق....لذلك أعتدتُ دائماً حين يسألُنى أحدُهم عن أبى...أُجيبُ بكلِ صدق أنا يتيمةُ الأب..........