تذكرتُ اليوم عندما كُنا نذهبُ لزيارة أبى فى المنزل ونبيتُ معهُ لِليلةٍ واحدة لِنُصبح بعدها ويذهبُ كلٌ منا إلى عملهِ ومنزله..لطالما سألتُ نفسى لماذا كان أبى ينظر إلينا ونحنُ نيام..هل يتأكد من وضعنا للألحفة علينا جيداً أم من قفلِنا للشباك لقد اصبحنا كِباراً الآن وكُلٌ منا مسئول عن أسرة بمفردهِ..ولكننى الآن أتذكر بشكلٍ أوضح لم يكن ينظر إلينا فقط ونحنُ نيام بل كان يبكى أيضاً..عَلِمتُ الآن لماذا كان يفعلُ ذلك بعد أن اصبحتُ مثله وأُشاهدك تكبُر أمامى كل يوم وأعلمُ الآن أن أبى ماكان يفعلُ ذلك سوى ليُشبع عيناهُ من رؤيتِنا ووُجودِنا فى المنزل الذى اصبح خالياً وهو وحدهُ به بعد رحيلنا كالتائه بالصحراء..وأنا الآن أنظر إليك وأنت نائم كما كان يفعلُ أبى...أتذكر أول مرة عندما تشابكت أيدينا معاً لأول مرة..كنتُ حينها وكأننى أتمسكُ بكُلِ ماأمتلكُ فى هذه الدنيا..أحدٌ يكَبُر والآخر يشيخ...وكأننا تقابلنا عند مفترق طرق الزمن..أنت ترى بى نفسك فى المستقبل وأنا أرىَ بك نفسى فى الماضى..ليلة سعيدة وإلى الواداع طفلى...هل تعلم ياعزيزى أحياناً أشعر بالتعب الشديد عندما أكونُ وحيداً وبمفردى وأبكى أيضاً..لقد اعتدنا البقاء بجوار بعضنا..ربما سترحل من هنا...ربما سيُصبح طريق العودة للمنزل أطول...أمشى حينها ببطئ ولاتنظر خلفك...سأبقى هنا...انظر من بعيد إلى ظهرك..أراقب خُطواتك...سأُشبه حينها هذا المنزل القديم الذى أعتدت العيش واللعب فيه..فى يومٍ ما ستعثر على بدايةٍ جديدة...كالورقة التى تطير لغصنٍ جديد..ستُصبح الأيام القُدامى الماضية كالبارحة..ليلة سعيدة وإلى الوداع ياطفلى😢..ربما سترحل من هنا...ربما طريقك للعودة للمنزل سيُصبح أطول..فسِر ببطئٍ ولاتحزن...سأبقى دائماً هُنا...أُشاهدك تُحلق بعيداً......فليلة سعيدة ووداعاً ياطفلى.......