سَكراتُ الموت الأشدُ غصة هى تلك الموعودة ويترقَبُها المرء بإستسلام(بقليدس)
فماذا عن الموت اثنا عشرة مرة؟!!
لقد ظننتُ دائماً أن بموتى سَيُحَلُ كُلَ شئ وبأن الجميع سيُكملونَ حياتَهم من دونى وكأن شيئاً لم يكُن...وبفرصتى للعودة للحياةِ مرةً أخرى..أدركتُ كم أن القدر عادل...فلقد أدركتُ للتو بأنهم لم يتخطو موتى وبأن حياتهم مُتوقفةٌ عند تلك اللحظة...وبأنهم يُمثلون أنهم بخير وهم ليسوا كذلك...أدركتُ للتو كم كُنتُ أنانياً برحيلى هكذا دون توديعهم....وبأن الحياة التى عَزِفتُ عنها ولم أُرد إكمالها..ودعَتنى وأرسلتنى للموت ليستقبلنى هو ولايُريدُ تَركِ...يالهُ من قدرٍ عادل...حياتى التى لم أرد أن أعيشها....أتمنى الآن وبإستماتةٍ العودة لها...أتمنى أن أمضى ماتبقى منها بجانب الأشخاص الذين أحبونى...أتمنى أن أُخبرهُم أننى هُنا...ولكنهم لن يتعرفوا علىَّ فى هذا الجسدِ الجديد..فيالِسُخريةِ القدر!!...أدركتُ للتو كم أننى عاجزٌ وضعيف...وكم أنَّ تَسرُعى بإنهاءِ حياتى بهذا الشكل كان مُثيراً للشفقة...فياليتنى أعودُ بالزمنِ للوراء لأصلِحُ ماقمتُ بِه..ولن أفكرُ حينها بإنهاء حياتى...فعندما أرى جيسو الآن أدرك كم كانت الأيام الهادئة وتلك اللحظات وحدها التى كنا نسيرُ فيها معاً يداً بيد أكثر من سببٍ كافٍ للإستمرار فلماذا لم أُدرك ذلك مبكراً؟!...فسبب خوفنا من الموت ليس الموت نفسه ولكن لأنه لن يكون هناك غد ولهذا السبب أنا خائف أن الموت قد يأتى فى هذه اللحظة بالذات بينما أنا معها...كان لدى حياةً صعبة ولم يكن هناك من أعتمد عليه ولهذا السبب اخترتُ الموت ومع ذلك علىَّ أن استمر فى القلق بشأن موتى القادم حتى عندما أعودُ إلى الحياة كشخص آخر، علىَّ أن أعيش فى خوفٍ دائم..فأنت لا تعيش حقاً عندما تعيش فى خوفٍ دائم!..فالناس يكونون أكثر سعادة عندما يمكنهم أن يكونوا على طبيعتهم حقاً فى النهاية ستكون الحياة بلا معنى إذا لم تتمكن أبداً من أن تكون على طبيعتك حقاً.. لا أعلم لماذا لم أدرك حينها أنه كان لدى أشخاص مهمين فى حياتى ويبكون معى فى الأوقات الصعبة؟...أعلم جيداً ان الوقت قد فات لطلب مغفرتها..أعلم ذلك لأننى ميت بالفعل...وفى ظل يأسى للعودة إلى الحياة مرةٌ أُخرى فى هيئتى أنا وجسدى أنا وليس جسد شخصٌ آخر...أدركتُ حينها أن الحياة فى حد ذاتها كانت عبارة عن فُرصة وأنا أَضَعتَها بإستعجالى للموت...فَتَيَقنتَ بأن رياح الموت دائماً تأتى بما لاتشتهيهِ الأنفُس.